باسم الله، وعليه نتوكل وبه نستعين، أنا سيدة متزوجة منذ ثلاث سنوات وعمري 34 عامًا، وعندي طفل والآن أنا حامل. أنا أعمل مدرسة، ومنذ الشهر الأول بعد الزواج صُدِمتُ بأن زوجي يطلب مني أن أكتب له شيكًا بكامل مرتَّبي وفعلًا قام بسحب المرتب، وقام بصرف مُعظمه على أكلِنَا وشربنا، وسدد بعض الديون الخفيفة الخاصة، ولم يكن يسمح لي بحرية التصرُّف، ولو في مبلغ زهيد من مالي، وكان هذا سببًا لغضبي وحزني وافتعالي للمشاكل معه، علمًا بأنني في ذلك الوقت كنت أعمل في عملين، وكان مرتبي ثلاثة أضعاف مرتبه، واستمر هذا الحال عدة شهور.
بعد ذلك وتعبيرًا مني عن السخط على هذا الوضع تركت أحد العملين واستمر الحال بأنه في كل شهر يأخذ مرتبي ويتعامل معه وكأنه مالُه الخاص، واللهُ يشهد أنه لا يشتري لي أيَّ ملابس أو مستلزمات إلا أشياء بسيطة ونادرة وبعد مشاكل وزعل، واللهُ يشهد أنني لكي أحصل على جزء من مالي الخاص أضطر للكذب، فمثلًا أقول له: إنهم خصموا مني في العمل 50 دينارًا، ثم أبعث إحدى صديقاتي لسحب المبلغ من المصرف قبل ذهابه، وفي أحيان يكون عندي مالٌ فيقول لي: هل أجد عندك مالًا؟ فأرد عليه من زعلي وغضبي وقلة حيلتي: لا والله.
وأيضًا يا فضيلة الشيخ نسيت أن أخبرَك بأنه أخذ مني كلَّ الذهب الذي أحضره أهلُه لي كمهر حيث باعه واشترى به سيارة، والله يشهد بأنني كان يمكن أن أصبِر ولا أتذمَّر، ولكن معاملتَه معي قاسية وجافة جدًّا، وحيث إنني لست جميلة، فهو دائمًا- ومِن الأيام الأولى- ينتقد شكلي، ويقول لي: شكلك وصوتك مثل الرجل، ودائمًا يتحدث بأنه يتمنَّى أن يتزوج مرة ثانية، وكذلك هو أكبر مني بسنة واحدة، فدائمًا يقول لي: أنت عجوز، وهو لا ينام في غرفة النوم بل يسهر في الصالة يشاهد التلفاز، بل أحيانًا كثيرة يشاهد القنوات الإباحية، وقرب حلول الصباح يدخل إلى غرفة النوم، وعند الساعة السابعة يذهب للعمل، ثم يرجع عند الثانية ظهرًا يتغدى، ثم ينام ثم يستيقظ يشاهد التلفاز، ثم يخرج قليلًا، ثم يتكرَّر نفس اليوم السابق، وهو لا يعطيني حقي كزوجة، بل إنه في كثير من الأحيان يمرُّ أكثر من عشرين يومًا بدون معاشرة جنسية، ولا يسمعني أي كلام طيب.
أنا يا فضيلة الشيخ في حالة يرثى لها، ودائما أبكي، وخاصة عندما أجد نفسي في الليل نائمة وحدي كأنني مطلقة أو أرملة، مع العلم يا فضيلة الشيخ أنني لا أستطيع أن أذهب إلى أهلي حيث إن ظروفهم خاصة جدًّا وقاسية جدًّا، علمًا بأنه يا فضيلة الشيخ محافظٌ على الصلاة، وأحيانًا يصلي الفجر في الجامع، أما باقي أوقات الصلاة فمعظمها يُصليها في الجامع.
أفتني يا فضيلة الشيخ، ماذا أفعل؟ حيث إنني أدعو على نفسي بالموت، ولا يوجد أي مكان أذهب إليه إلا رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
«عَجَبًا لِأَمْرِ الْـمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»(1). أديمي النُّصح لزوجك واستعيني عليه بالله عز وجل ، ثم بمن تظنينه مقرَّبًا لديه وصاحبَ كلمة مسموعة عنده. وأديمي ضراعتك إلى الله عز وجل وأحسني ظنَّك به، واعلمي أن أفضل العبادة انتظار الفرج، واجتهدي في تحرِّي الصدق في تعاملك معه أو مع غيره، وإن اضطررت إلى الكذب للوصول إلى حقك فاستخدمي المعاريض أو التورية، فإن في المعاريض مندوحة من الكذب، فإن وصلتِ إلى طريق مسدودٍ وعجزتِ عن الصبر وأصبحت في حالة من الفِتنة لا تستطيعين معها مواصلة هذه الحياة، فإن الذي شرع الزواج شرع الطلاق، وقد قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 130].
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «المؤمن أمره كله خير» حديث (2999) من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه .