زوجي مسرف جدًّا ولا يستطيع أن يكمل مصاريف الشهر من غير أن يقترض، وأنا أتضايق من الديون، فأنا آخذ من وراه وهو لا يعلم ما معه من نقود وأحوشها، وعندما يريد أن يقترض أعطيه منها بدلًا من أن نقترض من الناس، ولو علم ذلك سيرفض، هل هذا حرام؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذا الذي تذكرين خلاف الأصل؛ لأن الأصل أن لا تُسَلَّط الزوجة على مال زوجها بغير علمه إلا إذا كان شحيحًا لا يعطيها ما يكفيها ويكفي بنيها، فأجازت لها الشريعة أن تأخذ ما يكفيها وما يكفي بنيها بالمعروف، والأصل في ذلك حديث عائشة ل قالت: دخلَتْ هند بنت عتبة امرأةُ أبي سفيان على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، لا يُعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ، إلا ما أخذتُه من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك من جُناح؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْـمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ»(1).
فيبقى ما وراء ذلك على أصل المنع، إلا أنه إذا كان الزوج على النحو الذي وصفت، وتعيَّن هذا طريقًا لإعانته على نفسه واستصلاح أحواله، ولم تُجْدِ معه المناصحة، ولم تكتَنِز الزوجة لنفسها شيئًا من ذلك، وإنما كان الغرض الإبقاء على المال لمصلحة الأسرة، ثم ترده إلى الزوج عند الاقتضاء في صورة قرض أو نحوه، فأرجو أن يكون هذا مما يتسع له النظر الشرعي وتستوعبه تدابير السياسة الشرعية. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «النفقات» باب «إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف» حديث (5364)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «قضية هند» حديث (1714).