يمين الطلاق المعلق للتهديد، مع وقوع المعلق عليه جهلا

أنا متزوج قبل خمس سنوات ولله الحمد والمنة، وقبل سنتين تقريبًا مع ظهور جوال الـ«بلاك بيري» وخدمة «الببي» التي أصبحت في كل البيوت كانت زوجتي تستخدم هذه الخدمة، ومنعتها خوفًا عليها من غزو التكنولوجيا، وكانت هي تفعلها وأنا أُلغيها. وقد أصبحنا على هذه الحال أكثر من خمس مرات، هي تفعل وأنا ألغي.
أخبرت أمها بخطورت هذه الخدمة التي أرفضها نهائيًّا على بيتي، وخوفًا على زوجتي وعلى خراب بيتي.
المهم، أخبرت أمها وأخبرت إخوانها بمنعها عن هذه الخدمة ومنعتها، وبعد فترة استأذنتني وقالت لي: سوف تستخدمها الاستخدام الصحيح مع زميلاتها. فوافقت على أن تكون تحت نظري وعلى ثقة مني.
المهم، وجدت استخدامًا خاطئًا منها، ولخوفي عليها منعتها، وكنت في غضب فوق المتوسط وقلت: عليَّ الطلاق راح أطلقك. أو أنتِ طا… إن فعلتِها مرة أخرى. وكنت في غضب فوق المتوسط.
المهم، بعد شهر وجدتها فعلتها، وسألتها لماذا فعلتها؟ أجابت: أنتَ أذنتَ لي. ظنًّا منها أنني أذنت لها، ولا تعلم أنني لم آذن لها من بعد الحلف. فتركتها وكسرت الجهاز.
فما الحكم؟ ما حكم تفعيلها للخدمة ظنًّا منها جهلًا أني أذنت لها- على كلامها- وأنها لا تعلم بالمنع، وأنا أذنت لها قبل الحلف وليس بعد الحلف؟
ما حكم الحلف بهذا اليمين الذي أُجبرت عليه حتى تمتنع عن هذا الشيء، ووقتها كنت غضبان لمرحلة فوق المتوسط، علمًا بأنني قد استفتيت في وقتها وقيل: كفِّر عن يمينك.
وأحببت أن أطمئن أكثر وكفَّرت عن يمينين قبل سنتين، علمًا بأنني كلما سألت نفسي: لماذا منعتها عن هذا الشيء وتتحداها وتعلقها بالطلاق؟ أجيب نفسي: حتى أمنعها؛ وخوفًا عليها من الأفكار.
فهل هذا يعتبر يمينًا؟ وتكفيري هل قمت به صحيحًا؟
بارك الله فيك. ولدك الفقير إلى الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن صحَّ ما قالت من أنها قد فعلت ما فعلت ظنًّا منها أنك قد أذنت لها فيكون هذا من قبيل الخطأ المرفوع، ولا يقع بمثله الطلاق؛ فقد قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]، وقد ثبت في الصحيح: أن الله تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
أما يمينك فهو من جنس الطلاق المعلق، ومن أهل العلم من أفتى بأن الطلاق المعلق يأخذ حكم اليمين المكفرة إذا قصد به المنع أو الحض ولم يقصد به الطلاق؛ فإن كنت تثق في دين من أفتاك بهذا وعلمه فأنت على ما أفتاك به.
ولا تُكثر التنقل بين المفتين؛ فإن لأهل العلم في هذا مذاهب شتى، والجمهور على وقوع هذا الطلاق، فأخرج نفسك من الحيرة والتردد، إذا نزلت بك نازلة ارفعها إلى من تثق في علمه ودينه من أهل الفتوى، واعمل بما يفتيك به، ولا تكثر التنقل من مفتٍ إلى آخر.
ونصيحتنا ألا تجعل كلمة الطلاق هي أول ما يرد إلى ذهنك، وينطق به لسانك عند أول عارض من غضب أو احتقان.
ونسأل الله أن يردنا وإياك إليه ردًّا جميلًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه -عز وجل- لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend