يمين الطلاق المعلق على فعل شيء بقصد المنع والتهديد

حلف عليَّ زوجي إن فعلت شيئًا ما ألا أعود للبيت، وبعد مُضي زمن اضطررت لفعل هذا الشيء، وعندما صارحته قال أنه كان يقصد التهديدَ، وكفَّر عن حلفه بعدها. فهل هناك وقوع طلاق أو حكم بعدم عودتي للبيت؟
وإذا لم يكن هناك حكمٌ، إذ لم تكن لديه النية فهل بعد كفارته عن قسمه هل يقع علينا حكم إذا فعلت هذا الشيء مجددًا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن يمين الطلاق الذي لا يقصد به الطلاق، بل الحضُّ أو المنع، يُعتبر يمينًا مكفَّرة، ويجب به عند الحنث كفارةُ يمين، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام(1).
وما دام اللفظ لا يدلُّ على التَّكرار فإن عقدةَ اليمين تنحلُّ بالحنث أولَ مرة، ولا تلزم الكفارة بعد ذلك إذا تكرَّر الحنث.
ونوصيك بالطاعة لزوجك، وحُسن التبعل له(2). فإنه جنتك أو نارك(3). والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) قال تعالى:{ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].

(2) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 421) حديث (8743) ، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/ 1787 – 1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبِهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعِهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبِّر استبشارًا.

(3) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/ 341) حديث (19025) ، والحاكم في «مستدركه» (2/ 206) حديث (2769) ، من حديث الحصين بن محصن رضي الله عنه: أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَـهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»، وقال الحاكم: «صحيح ولم يخرجاه»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (1509).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend