يمين الطلاق المعلق على حدوث شيء

منذ فترة لا تقل عن أربعة أشهر كانت بيني وبين زوجتي مشكلة كبيرة وصلت إلى أهلها منها، وأنا كنت لا أود أن تصل إلى أهلها لأنهم لا يحسنون التصرف، وأثناء التحدث إليها بأن لا تُدخل أهلَها في أي مشكلة بيني وبينها، قلت: يا ريت لا تأخذي أي قرار من دماغك، ويا ريت قبل ما تعملي أي حاجة ترجعي لي، ولو عملتي كده تبقي طالق. قالت لي: حاضر.
وبعد فترة تم الصلح، وعادت الأمور لطبيعتها، ولكن صدر بعد ذلك أنها مثلًا خرجت دون أن تستأذن مني لمرض ابنتي، وقالت أنها نسيت، وبعض أمور أخرى، فهل بذلك يقع الطلاق أم لا؟ ولو وقع يحسب طلقة أولى أم لا؟ وما هي كفارة يمين الطلاق؟ مع العلم أن حلف اليمين هذا كان في حالة غضب متناهية، حتى إنني كنت ناسيًا بعض الكلام الذي حدث في هذه المشكلة، وعند سؤال زوجتي عن الذي حدث أخبرتني بكلام لم أكن أتذكره.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فكما نصحت لزوجتك أن لا تدخل أهلها في مشكلاتكما الحياتية، كان ينبغي أن تنصح لنفسك بأن لا تجري ألفاظ الطلاق على لسانك، وتهدد به في كل شاردة وواردة، فإنه لا تستقيم حياة زوجية مع هذا السيف المسلَّط على رقبتها على هذا النحو، وقد استبشرت بتلطفك في قولك لها: ياريت لا تأخذي أي قرار من دماغك، وياريت قبل ما تعملي أي حاجة ترجعي لي. وسعدت بهذا الرفق في النصيحة، ثم فوجئت بعدها بقولك: ولو عملتي كده تبقي طالق!! الأمر الذي لا يتفق مع اللطف الذي بدأت به حديثك.
على كل حال يمين الطلاق الذي أراد به الزوج تطليق زوجته عند وقوع المعلَّق عليه يحتسب على صاحبه طلقة إذا وقع المعلق عليه، فإن كانت الأولى أو الثانية، كان له ردها ما دامت في العدة، أو ردها بعقد مستأنف إن كانت قد خرجت من العدة، وإن كانت الثالثة، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره(1)، أما إذا وقعت الزوجة في المخالفة نسيانًا، فإنها لا تحتسب عليك طلقة؛ لأن الله جل وعلا قد رفع الله إثم الخطأ والنسيان عن هذه الأمة، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]. وقد ثبت في الصَّحيح أنه قال: «قَدْ فَعَلْتُ». ونسأل الله لنا ولك الهدى والتقى. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) قال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *  فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾} [البقرة: 229، 230].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend