يحدث نفسه بطلاق زوجته إن وسوس في قراءة الفاتحة وهو يصلي(1)

أُصَاب بالوسواس في نُطق الفاتحة في الصلاة فأقول: امرأتي طالق إن أعدت الآية. وذلك بيني وبين نفسي وليس نطقًا؛ حتى تزداد عزيمتي فقط، وليس لي رغبة في طلاق زوجتي. وأحيانًا حتى أزداد عزيمةً أكثر إذا قوي الوسواس معي أو ضعفت عزيمتي في مقاومته أنوي بالطلاق المفارقةَ حتى تزداد العزيمةُ فقط وليس رغبةً في الطلاق، بل وأدعو الله أن لا يصيبني الوسواس، وأتلعثم حتى لا أفارق زوجي بسبب الوسواس؛ وذلك بيني وبين نفسي وليس نطقًا ولا رغبةً في فراق زوجي الحبيبة. فهل يقع الطلاق؟ أفتوني مأجورين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يقع الطلاق بحديث النفس، فإن الله تجاوز لهذه الأمة عمَّا حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به(1). فما أضمرته بينك وبين نفسك من الطلاق لا يقع به الطلاق، والحمد لله على توسعته على عباده ورحمته بهم.
بل أزيدك فأقول لك: إن من كان في مثل حالتك لا يُؤاخذ على الطلاق، ولو نطق به نطقًا صريحًا إلا إذا قصد إليه عن رضًا وطمأنينة؛ لأنه مستغلق عليه طوال الوقت بسبب الوسواس، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(2).
ونصيحتي لك أن تطرح الوسواسَ، وأن لا تلتفت إليه، وأن لا تُمكِّنَ الشيطان من أن يستولي عليك، ويبغض إليك عبادة ربك، فهو العدو فاتخذه عدوًّا.
وإن اقتضى الأمر أن تعرض نفسك على بعض المتخصِّصين من الأطباء النفسيين فلا حرج، فـ«فَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(3).
أسأل الله أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/ 50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend