وقوع طلاق الهازل ديانة

قرأت: أن طلاق الهازل يقع؛ لأنه قصد التكلم به، وإن لم يقصد إيقاعه. ما المقصود بوقوعه؟ أعلم أنه يقع قضاءً فيما بين العبد والناس، لكن هل يقع فيما بين العبد وربه ديانةً؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن طلاق الهازل يقع ديانةً وقضاءً عند جماهير أهل العلم؛ لحديث: «ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُـهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلاقُ، وَالرَّجْعَةُ»(1).
قال ابن القيم :، بعد أن ذكر الحديث المتقدم:
«تضمنت هذه السنن: أن المكلف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو الرجعة- لزمه ما هزَل به، فدلَّ ذلك أن كلام الهازل معتبَر، وإن لم يُعتبَر كلام النائم والناسي وزائل العقل والمكرَه. والفرقُ بينهما: أن الهازل قاصدٌ للفظ غير مريد لحكمه، وذلك ليس إليه، فإنما إلى المكلَّف الأسباب، وأما ترتب مسبَّبَاتها وأحكامها: فهو إلى الشارع، قَصَدَه المكلَّف أو لم يقصده، والعبرة بقصده السبب اختيارًا في حال عقله وتكليفه، فإذا قصده رتَّب الشارع عليه حكمه، جَدَّ به أو هزل، وهذا بخلاف النائم والمبرسم (وهو الذي يهذي لعلة في عقله) والمجنون وزائل العقل، فإنهم ليس لهم قصد صحيح، وليسوا مكلَّفين؛ فألفاظهم لغو، بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها، ولا يقصده.
وسر المسألة: الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يُرد حكمه، وبين من لم يقصد اللفظ ولم يعلم معناه، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة:
إحداها: أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به.
الثانية: ألا يقصد اللفظ ولا حكمه.
الثالثة: أن يقصد اللفظ دون حكمه.
الرابعة: أن يقصد اللفظ والحكم.
فالأوليان: لغو، والأخريان: معتبرتان، هذا الذي استفيد من مجموع نصوصه وأحكامه». انتهى.(2). والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على الهزل» حديث (2194)، والترمذي في كتاب «الطلاق» باب «ما جاء في الجد والهزل في الطلاق» حديث (1184)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «من طلق أو نكح أو راجع لاعبًا» حديث (2039) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (3027).

(2) «زاد المعاد» (5 / 204- 205).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend