وقوع الطلاق بالألفاظ غير الصريحة

فضيلة الشيخ، أسأل الله أن يتسع صدرك لهذا السؤال حتى ترد لي عليه بالتفصيل الدقيق:
تعرفت على فتاة مسلمة محجبة وتصلي واعتمرت، فخطبتها ثم تَمَّ العقد عليها. لاحظت أنها تضع مكياجًا وتلبس البنطلون مثل الرجال فقلت لها: إن المكياج والبنطلون والملابس الضيقة مخالفة للشرع. لكنها لم تستجب لكلامي.
منذ أسبوع نشبت خلافات بيني وبينها، قالت: إنها ستذهب لتربية طفل شقيقتها. فقلت لها: لا شأن لنا بذلك. لكنها ظلت تجادل واستفزتني، ناقشت هذا الموضوع مع إحدى قريباتي ولم تكن زوجتي موجودة، فقلت لقريبتي: «إذا كانت ستصر على الذهاب لبيت شقيقتها تذهب ومش عايزها». ولم أقصد الطلاق بهذه العبارة.
بعدما انتهى النقاش بيني وبين قريبتي جلست بمفردي وشككت هل قلت لقريبتي عن زوجتي: «عايزة تتطلق أطلقها أو تتطلق». والله يا شيخ ما أتذكر هل قلت ذلك أم لا أم مجرد شك؟
واستمرت المشاكل مع زوجتي لمدة أسبوع تقريبًا لأنها تضغط علي هي وأقاربها بخصوص أشياء تخص شقة الزوجية، فقلت لها قاصدًا التهديد: «من قال لك أنك أنت ستدخلين فيها؟!». وقلت لها: «إن الزواج وصل لمرحلة حرجة، الموضوع هيتفركش- يعني سينتهي، قصدت تهديدها- أنت عارفة آخرة اللي بتعمليه إيه».
وقلت لها: «طول ما أنت تعملين هذه التصرفات سيفشل الزواج، بتخربي بيتك بإيدك، اعملي اللي بتعمليه وستندمين».
وقالت لي: «متى سنعمل الزفاف؟». قلت لها: «خليكي أنت ووالدتك تتزفوا مع بعض، أنا مش عامل زفاف». فقالت لي: «ما معنى هذا؟». قلت لها: «لا تعيش معي واحدة لا تسمع الكلام، أصل أنت تعتقدين أن عقد الزواج تم، ولم تدركي أنه ممكن أن يفشل». فقالت لي سؤالًا صريحًا: «هل أنت ناو أن تكمل الموضوع أم لا؟». فقلت: «لا أعلم، أنا غير مستريح، لم آخذ قرار نعم أم لا».
ظللت أنا مدة بهذه الطريقة، واستخدمت عبارات أخرى مشابهة لا أتذكرها كلها الآن، وفي نيتي استخدام كنايات الطلاق لتهديدها حتى تقف مشاكلها.
1- الآن بعدما قلت هذا الكلام هل لا تزال زوجتي أو وقع الطلاق؟
2-هل الشك في جملة (عايزة تتطلق أطلقها أو تتطلق) أنا لا أتذكر أقلتها أم لا يرجع فيه لليقين بأن الزواج- وهو الأصل- باق؟
3- قلت لزوجتي: «فصَّلِي واحدًا بمزاجك ينفع أن يكون زوجًا لك». هل هذه الجملة تعني وقوع الطلاق أم أنها كناية.
4- هل كنايات الطلاق إذا لم يعرف الزوج نيته تبنى على الأصل وهو عدم وقوع الطلاق؟
5- هل أكمل وأعمل الزفاف وأدخل بها أم أن هذا الكلام الذي قلته وفي أكثر من يوم يكون قد أوقع الطلاق أكثر من مرة أو مرة واحدة على الأقل، أو يوجد شبهة طلاق؟ ما هو الحل هل أدخل بها أم ماذا تنصحوني؟
6- هل في الكلام الذي قلته ما لا يوقع الطلاق الآن لكن يقع في المستقبل؟
7- هل كلمة «مش عايزها» التي لم أقصد الطلاق بها، هل هي كلمة تفيد صريح الطلاق وليست كناية؟
8- لم أعلم هل كانت زوجتي حائضًا أم لا وقت هذا الكلام، هل لذلك صلة بالسؤال عن هل لا تزال زوجتي أم لا؟
9- استخدمت كنايات الطلاق لتهديد الزوجة (عبارات لا تحمل أبدًا كلمة طلاق) ذكرت لفضيلتكم ما تذكرت والباقي نسيته، هل ما نسيته له تأثير على فتوى فضيلتكم؟ وماذا أفعل إذا كنت نسيت بعض ما قلت لزوجتي، هل تبقى معقودًا عليها ومعلقةً أي لا أدخل بها؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأسأل الله أن يأخذ بناصيتك لما يحبه ويرضاه، لا يظهر لنا فيما ذكرت لفظا صريحا في الطلاق، بل كل ما ذكرت من قبيل الكنايات، وكنايات الطلاق بنوايا أصحابها، فإن قصدوا الطلاق اعتبرت كذلك، وإلا فلا، أما هذه العبارة التي تشك في صيغتها فإن الأصل هو الزواج كما لا يخفى، ومثل ذلك اليقين لا يزول بالشك.
ولكن المشكلة أيها الحبيب أنك في حاجة إلى أن تتدبر الأمر كله قبل أن تقدم على الخطوة التالية، لابد أن تضع لزوجتك معالم إن وافقتك عليها فامض على بركة الله، وإلا فإن الأمر كله يحتاج إلى مراجعة جذرية، والمفارقة قبل الدخول أيسر من المفارقة بعده وأرفق بكليكما، لابد لزوجتك أن تعرف ماذا تعني القوامة، ماذا تعني الحياة الزوجية، ما حقوقها وما واجباتها، إن لم تتفقا على مثل هذه المعالم فإن الصورة تحمل على كثير من التشاؤم، وقد تكون المفارقة المبكرة أولى بصرف النظر عما بدر منك من ألفاظ لا تقصد بها الطلاق. والله تعالى وأعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend