وعد زوجته بعد إلحاحها بطلب الطلاق أن يطلقها فور وصوله للبلد المسافر إليه

تشاجرت مع زوجي وقال أنه مسافر، قلت له: قبل سفرك طلقني. قال لي: سأطلقك عندما أصل المدينة التي أنا ذاهب إليها. أصررت على طلبي وقلت: لا طَلِّق الآن. قال لي: عندما أَصِلُ سأتصل بأهلك وأخبرهم أنَّ ابنتهم طالق. وقال لي خلال المشاجرة: أنت لا تُريدينني وأنا لا أريدك وسوف ننفصل (لا أعلم نيته). ما حكم هذا الكلام؟ هل يُعتبر طلاقًا معلقًا أم وعدًا بالطلاق أم كنايةً؟ وهل وقع الطلاق؟ أرجو إفادتي.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقبل الحديث عن حكم هذه العبارات، أودُّ البداءة بإسداءِ النُّصح الواجب لك فيما يتعلق بإصرارك على الطلاق، والضغط على أعصاب الزوج لحَمله على الطلاق الفوري، وعدم الاستجابة لتوسلاته إليك في أن يُرجئ الأمرَ إلى أن يصل إلى مكان وصوله، ويتصل بأهلك ويخبرهم بما تُصرِّين عليه من خراب بيتك. ثم ها أنت الآن تتلمسين المخارج، وتسألين عن تكييف قوله إن كان طلاقًا معلقًا، أم وعدًا بالطلاق، أم مجرَّد تهديد به، وهل يعتبر قد وقع بالفعل أم لا؟!
ولسان حالك يقول: ليتني لم أُطع الهوى، ولم أمش في طريق الندامة. لماذا هذه الخفة والطيش؟! لماذا العجلةُ في إطلاق الرصاصة القاتلة على بيت الزوجية، الذي عشت فيه، وعاش معك فيه رفيق عمرك، وأولادكم إن كان لكم أولاد؟!
هل تعلمين يا أمة الله أن الشيطانَ لا تقرُّ عينُه بشيء ولا يغتبط بشيء مثل اغتباطه بخراب البيوت العامرة، وتمزُّقها بالطلاق(1)؟!
اللهم اهدِ عبادَك وإماءك إلى ما تحبُّ ربي وترضى، وجنِّبهم الخيبةَ والتعاسة، والسَّيرَ في سكة الندامة.
الظاهر من عبارات زوجك كلها أنها وعدٌ بالطلاق، وقد يُنجِّز وعدَه، وقد يُخلفه، وإذا أخلفه فلا يلزمُه من هذه العبارات شيءٌ، اللهم إلا إذا كان قد نوى أمرًا آخر لا اطِّلَاع لنا عليه بخلاف ظاهر قوله، فيرجع إليه في ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في كتاب «صفة القيامة والجنة والنار» باب «تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس» حديث (2813) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْـمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً؛ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا .. فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا!» قال: «ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ» قال: «فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend