هواجس بكنايات الطلاق

اليوم كنت ذاهبًا بزوجتي لعملها فقلت داخل نفسي أريد أن أمسك يدها وأودعها حبًّا لها، ومن باب إعطائها الإحساس بالحبِّ والمودة. فمسكت يدَها وقلت لها: مع السلامة. فقالت: مع السلامة. من باب الاحترام بيننا والألفة، وأثناء نزولها راودتني وساوس وأفكار أن من قال لزوجته: مع السلامة. معناه طلاق كنائي. فتعوَّذت من الشيطان وقلت إنه عدو مبين.
وأيضًا مرة قلت لها: الله يوفقك. من باب الدعاء لها بالتوفيق، فخطرت هواجسُ أنه طلاق. فتعوذت من الشيطان.
ورجعت للبيت ومعي أولادي، كنا نفطر مع بعض وأثناء وجبة الإفطار كنت أفكر. وكنا قبل تسعة أشهر حدثت مشكلة كبيرة وصلت لحدِّ أن كلًّا منا فكر في الطلاق، ولم يحدث طلاق، مجرد تفكير فقط، ولكن تدخل أهل الخير وتمَّ الإصلاح بيننا وعادت الحياة الزوجية. المهم وقت المشكلة السابقة كنت أجمع أغراضها وأعطيها لها حتى تفكر وكل منا يفكر، وكنت أنظر صورتها ودمعتي على خدي وجمعت صورتها ووضعتها مع أغراضها؛ لأنها كانت تريد أغراضها.
فتذكرت هذا الموقف الذي حصل سابقًا قبل تسع سنوات وأنا على الفطور، وقلت لنفسي: هل تجميعي لأغراضها وصورتها هل معناه هي طالق؟ من باب السؤال وليس من باب إنشاء طلاق جديد حاليًا، إنما تذكرت الموقف وسألت نفسي فقط، ويشهد الله العليَّ القدير ليس إنشاء طلاق حاليًا وإنما مجرَّد سؤال عن هذا القصة التي حصلت سابقًا.
وأيضًا تعوَّذت من الشيطان وقلت لنفسي هذه قصة سابقة ليس إنشاء طلاق حاليًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الله جل وعلا قد تجاوَز لهذه الأمة عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به(1)، فالطلاق لا يقع بالوساوس وحديث النفس بل لابد له من قول أو فعل، وما صدر منك كان في إطار الحبِّ والمودة فكيفَ تتصور أن تُحوله الشريعة إلى طلاق وفراق وشؤم ونكد؟!
ألا تخشى أن يكون هذا من سوء الظن بالشريعة، وبمن أنزلها؟! وهو القائل: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]. كيف تتحول أفعالُ المودة والرحمة إلى معاول هدم للبيوت على رءوس ساكنيها؟! وكيف يقع ذلك باسم الشريعة؟! أو ينسب إليها؟! اللهم غُفرًا!
ونفس القول ينطبق على قصتك السابقة، فأمسك عليك زوجك واتق الله، وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، واعلم أن الشيطان عدوٌّ لك ولزوجك، فأخرج نفسك من بين شباكه التي نصبها لك، واطرح الشك ولا تلتفت إليه، ولا تعول عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend