مبتلى بالوسواس القهري في الطلاق

أنا مبتلى بالوسواس القهري في الطلاق، في البداية كان الأمر بسيطًا، وكنت أستطيع الصبر والتحمل، ولكن الأمر الآن تطوَّر وأصبحت في شدة الألم والعذاب؛ حيث إنني الآن أصبحت شديدَ التفكير في كلمات الطلاق، وأنا لا أفكر في الطلاق من زوجتي أبدًا، والعلاقة بيننا على أحسن ما يرام والحمد لله، ولكني أفكر في كلمات الطلاق المجردة، حتى وأنا جالس أستغفر الله أو أذكر الله أجد نفسي أفكر في هذه الكلمات، وأتوهم أن هذه الكلمات خرجَت من فمي ونطقتها أثناءَ الاستغفار أو الذِّكر، وعلى الرغم من أنه إذا حدث ذلك لشعرت به وتوقفت عن الذكر مثلًا.
ولكني الآن أصبحت لا أستطيع التمييز بين مجرد التفكير والتلفظ الفعلي لهذه الكلمات، وبالتالي أصبح مجرد تفكيري بهذه الكلمات يمثل لي كابوسًا، ولكني لا أستطيع التوقف عن التفكير وأشعر بأن شيئًا يدفعني لذلك.
كما أنني وأنا أكتب لحضرتك هذه الرسالة وعند هذه الجملة (فأنا لا أفكر في الطلاق من زوجتي أبدًا) شعرت وكأنني نطقت هذه الكلمات (الطلاق من زوجتي) وجاءني الوسواس بشدة حتى أني استغرقت فترة حتى أستطيع إكمال الرسالة. وظللت أردد أجزاءً من هذه الجملة، حتى أتأكد أني لم أنطقها أثناء الكتابة.
فهل يقع عليَّ شيءٌ بسبب ذلك؟ وهل يا دكتور إذا ما قال شخصٌ هذه الجملة (الطلاق من زوجتي) يقع بها شيء؟ وما هو الحل بالنسبة لحالتي هذه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يقع الطلاق يا بني بالتخيلات، ومن كان في مثل حالتك يا بني لا يقعُ طلاقُه ولو نطق به نُطقًا صريحًا فصيحًا سمعه منه كلُّ من حوله؛ إلا إذا قصد إليه عن رضًا وطمأنينة؛ لأنه مستغلق عليه طوال الوقت، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(1)، فلا تُعذِّب نفسك يا بني، إن الله لم يتعبَّدْك بهذه المعاناة، أنت الذي تُعذِّب نفسك بها، ثم تنسبها زورًا إلى الشرع المطهر.
الشرع بريء مما تفعله بنفسك، فاطرح هذه الوساوس وراء ظهرك، لا تلتفت إليها، لا تعول عليها.
واعلم أن الله أرحمُ بعباده من آبائهم وأمهاتهم، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج(2). والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).

(2) قال تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend