لقد قرأت آراء لشيوخ كبار أمثال ابن باز، بتكفير من ترَك صلاةً واحدة. فما هو رأي حضرتك؟
وأيضًا هل ينفسخ عقد الزواج تلقائيًّا إذا كانت الزوجة لا تُصلِّي فترة من الزمن؟ وهل يلزم تجديد العقد في هذه الحالة؟ وشكرًا لفضيلتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن تكفير تارك الصلاة قضيةٌ خلافية، والجمهور(1) على عدم تكفيره ما لم يستحلَّ، ولا يعني هذا التهوينُ من قيمة الصلاة، فلا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة(2).
وبناء على ذلك فلا ينفسخُ عقدُ الزواج تلقائيًّا بالتكاسل في أداء الصلاة، ولا يلزم على رأي الجمهور(3) تجديدُ العقد، وإنما تلزم المبادرة إلى التوبة وإقامة الصلاة. والله تعالى أعلى وأعلم.
———————————
(1) جاء في «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (1/146) من كتب الحنفية: «ولا يقتل تارك الصلاة عمدا ما لم يجحد لكن منكرها كافر لثبوتها بالأدلة القطعية التي لا احتمال فيها للريب».
جاء في «شرح التلقين» (1/ 370) من كتب المالكية: «اختلف الناس في تكفير من ترك الصلاة مع الاعتراف بوجوبها. فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه ليس بكافر».
قال في «الذخيرة» (2/ 305) من كتب المالكية «قال سند من حجد وجوب صلاة من الخمس أو ركوعها أو سجودها كفر لأنه معلوم من الدين بالضرورة وكل من جحد ما علم من الدين بالضرورة فهو كافر في الصلاة أو غيرها وإن اعترف بالوجوب ولم يصل فليس بكافر»
جاء في «الحاوي في فقه الشافعي» (3/ 158) من كتب الشافعية: «تارك الصلاة معتقدا لوجوبها فقد اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب : أحدها : وهو مذهب الشافعي ومالك أن دمه مباح وقتله واجب، ولا يكون بذلك كافرا».
جاء في مغني المحتاج» (1/ 612): «إن ترك المكلف (الصلاة) المعهودة شرعا الصادقة بإحدى الخمس جاحدا وجوبها) بأن أنكره بعد علمه به (كفر) بالجحد فقط لا به مع الترك وإنما ذكره المصنف لأجل التقسيم لأن الجحد لو انفرد كما صلى جاحدا للوجوب كان مقتضيا للكفر لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة فلو اقتصر المصنف على الجحد كان أولى لأن ذلك تكذيب لله ولرسوله فيكفر به ونقل الماوردي الإجماع على ذلك، وذلك جار في جحود كل مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة وسيأتي حكم المرتد في بابه إن شاء الله تعالى.
أما من أنكره جاهلا لقرب عهده بالإسلام أو نحوه ممن يجوز أن يخفى عليه كمن بلغ مجنونا ثم أفاق أو نشأ بعيدا عن العلماء فليس مرتدا بل يعرف الوجوب فإن عاد بعد ذلك صار مرتدا».
جاء في «المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين» (1/ 194): «مسألة: واختلفت إذا ترك الصلاة هل يكفر بتركها؟فنقل أبو طالب وقد سئل هل يكفر؟ قال: الكفر شديد لا يقف عليه أحد، ولكن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، لأنها من فروع الدين أشبه الصوم والحج».
(2) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (1/ 536) حديث (2038) من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(3) جاء في «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (1/ 146) «ولا يقتل تارك الصلاة عمدا ما لم يجحد لكن منكرها كافر لثبوتها بالأدلة القطعية التي لا احتمال فيها للريب فحكمه حكم المرتد وتاركها عمدا تكاسلا فاسق يحبس حتى يصلي».
وجاء في «إرشاد السالك» من كتب المالكية: «وتارك الصلاة تهاونا لخروج وقتها الضروري يضرب ويهدد بعد أمره ثلاثا، فإن فعل أو وعد، والمشهور لو قال أنا أفعل يقبل وإلا قتل حدا، وجحدا يكفر».
جاء في «فتح القريب» (ص:292) من كتب الشافعية «(وتارك الصلاة) المعهودة الصادقة بإحدى الخمس (على ضربين: أحدهما أن يتركها) وهو مكلف (غير معتقد لوجوبها؛ فحكمه أي التارك لها (حكم المرتد). وسبق قريبا بيان حكمه، (والثاني أن يتركها كسلا) حتى يخرج وقتها حالَ كونه (معتقدا لوجوبها، فيستتاب؛ فإن تاب وصلى) وهو تفسير للتوبة، (وإلا) أي وإن لم يتب (قتل حدًّا) لا كفرا. (وكان حكمه حكم المسلمين) في الدفن في مقابرهم، ولا يطمس قبره، وله حكم المسلمين أيضا في الغسل والتكفين والصلاة عليه.- والله أعلم».