طلب الزوجة التطليق للضرر بسبب ممارسات زوجها غير المشروعة

لقد وصلتُ في زواجي إلى مرحلة لا تسرُّ؛ لم يعد لدي أية مشاعر طيِّبة متبقية في هذه الزيجة للأسف الشديد، وهذا لا يعني أني أتهم زوجي بأنه إنسان ليس فيه خير.
ما حدث أني فقدت الثقة فيه تمامًا، ولم أعد أصدق أية كلمة تخرُج من فمه، نتيجة عدة حوادث متتالية كذب عليَّ فيها ووعدني وأخلفني مرات كثيرة، حتى إن أولادنا كذلك لم تعد كلمته تُعَدُّ شيئًا بالنسبة لهم، حتى هو نفسه إن وعدنا بشيء يقول: خذوه بسرعة قبل أن أرجع في كلامي.
وعدم ثقتي به تشعرني بعدم الأمان، فأنا لا أدري ماذا يمكن أن يفعل بنا غدًا.
المهم بالمختصر: فقد بدأ هذا الحال منذ 13 سنة، حيث أدمن الكمبيوتر، وتعرف على هذه وتلك مما يسمونه بغرف الشات الإسلامية، كنت ولا زلت أقول له إن كنت تريد الزواج تزوَّج، وأنا لا أمانع، وإنما يؤذيني العبث، تتفق مع هذه أو تلك على الزواج وأنت تعلم أنك لا تستطيع إحضارها بناء على ظروف أوراقنا، ولا تستطيع كذلك الذهاب إليها، في نظري هذا عبث، وخاصة بعد أن أحضر له شيخُ المدينةِ بنتًا ليتزوجها بعد أن احتكمنا إليه، رفض الزواج ووعدني بعدم العودة، وبعد أسابيع عاد.
وكلما انتهت قصة دخل في غيرها، كل قصة تأخذ سنين، فهو يتعرف على واحدة ويبقى معها نفسها سنوات، ثم تتزوج هي أو يحصل شيء فيجد غيرها، وفي كل مرة يؤكد لي أنه لن يعود.
المهم أني قد فاض بي الكيل، فركزت حياتي في كل شيء غيره، فأنا أستمتع بحياتي مع صديقاتي وحلقاتي الدينية والدراسة وأولادي، وأي شيء يشعرني بالرضا والسعادة غيره، وطبعًا هذا أشعره بأني أهمله، فأصبح يغار من كل عمل مفيد أعمله، حتى أعمال البيت، فأصبح يتذمر ويتشكى.
بقيت أنا على سياسة كل يوم يمر فهو من صالح الأولاد حتى يكبروا، أسوس الأيام سياسة كل يوم بيومه، إلى أن تأفف هو من الوضع وتكلم وصرخ، فكنت أسكت في كل مرة، إلى أن قررت أن أفتح له مشاعري، وأنه خرج من قلبي، وأنه لم يبقَ شيء بيني وبينه سوى الأولاد، وأنه ليس بوسعي أن أقدم له أي شيء، فالأفضل له أن يذهب يبحث عمن تريحه في حياته.
وقلت له: أنا لن أطلب الطلاق، ادخل واخرج على أولادك كما يحلو لك، وهم ما زالوا محفوظين بين أب وأم، أما أنا فلا تطالبني بشيء، هذا الحل الأول عندي، والحل الثاني أن تطلقني وتريحني. ثم سحبت وِسادتي وخرجت من غرفة نومنا وأصبحت أنام مستقلة.
لا أخفيك أني بعد محاولات كثيرة لم يعد عندي أي رغبة في الصلح؛ فقد خرجت بكل مشاعري تمامًا وكليًّا من هذه الزيجة.
سؤالي هو: أنا وضعته بين اختيارين هو لا يرضاهما، ولكنه الآن تحت الأمر الواقع، وهو أني أخدمه وأولاده، وأقوم بأمور البيت فقط، وليس له من حقوقه الخاصة جدًّا أي شيء.
لا أخفيك أنه حتى بعد هذا لم يتغير، فهو يبيت أكثر الليل يتكلم مع إحداهن والتي تعرف عليها منذ سنة أو اثنين.
لا أريد أن أطيل في سبب خلافنا نفسه؛ لأن النتيجة أصبحت أني لا أريد الصلح، وإنما أريد فقط أن أحفظ الأولاد إلى أن يكبروا ثم سأخرج من هذه الزيجة بإذن الواحد الأحد.
لم أفعل هذا لأضره، وإنما أصبح الأمر فوق طاقتي، ولم يعد بإمكاني إمتاعه، فالسنوات الأخيرة كنت بين يديه كالميتة حتى ينهي ما يشتهي، ثم أقوم مسرعة لأغتسل.
سؤالي هو: هل علي حرج شرعي؟ وهل أنا ملعونة كلَّ ليلة بسبب عدم رضاه وغضبه؟ وإن كان كذلك إذًا علي أن أصر على الطلاق أو أخلع نفسي لأخرج من هذا المأزق الشرعي؟
بحمد الله وفضله وكرمه أتممت حفظ كتاب الله، وأحاول إرضاء ربي، وأَخْوفُ ما أخاف أن أكون أضعت دنياي وآخرتي؟
أفتوني يرحمكم الله ويفرج كروبكم، ويرزقكم الرضا والهناء في الدنيا والآخرة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فللحياة الزوجية يا أمة الله طريقان لا ثالث لهما: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ومن خشَيِت ألا تُقيم حدود الله مع زوجها فلا جناح عليهما فيما افتدت به(1)، وقد جعل الله في الخلع متنفسًا للمرأة التي تبغض زوجها ولا تقوى على بذل حقوقه الزوجية.
وفي قضيتك يا أمة الله إن كنت قد استفرغت وسعك في الإصلاح والمناصحة، ووصلت في هذه الأمر إلى طريق مسدود، يمكنك أن تطالبي بالتطليق للضرر، إن استطعت أن تثبتي هذه الممارسات غير المشروعة التي تورط فيه على مدى سنين هذه العلاقة الزوجية، ولكن الأيسر من هذا هو طلب الخلع والإصرار عليه، فإن هو أبى ذلك ووافق على الحالة الراهنة التي وصفتها في رسالتك فأرجو أن لا حرج عليك إن شاء الله؛ لأنه ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] ويكون هذا نوعًا من الصلح الذي تستقر به أموركما نسبيًّا إلى حين، ولكلِّ حادث حديث، ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: 1]والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) قال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend