رمى عليها أكثر من يمين طلاق بعد طلقة أولى بائنة عند مأذون

زوجي طلقني عند المأذون طلقةً أولى بائنة، وبعدها رجعنا بدون عقد، واختلفنا مرة أخرى، فرمى عليَّ يمين الطلاق، وبعدها اختلفنا مرة أخرى، فرمى اليمين مرة ثالثة، فسألنا أحد المشايخ قال: لم يقع أيُّ يمين، واحتسب الأول الذي بعقد، أما ما بعد ذلك فهو لا يُحتسب، فرجعنا بعقد، وبعدها اختلفنا مرة أخرى، فرمى اليمين، وردَّني زوجي مرة أخرى، وكانت آخر مشكلة أنه حلف عليَّ يمين طلاق أني لا أتحدث مع امرأة محددة، وبعدها هو الذي جعلني أكلمها وأقابلها، فهل هكذا وقع اليمين أم لا؟ أرجو إفادتي أفادكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه الخلافات الدائمة والمنازعات المستمرَّة لا تُرضي الله عز وجل، وقبل الحديث عن هذه الأيمان ما وقع منها وما لم يقع، لابد لكما من وقفة مع النفس، لاسيما مع حلول شهر رمضان، شهر التوبة وشهر الرحمة والمغفرة، فإن الحياةَ التي لا تتوقف فيها المنازعاتُ والتي تتعرض لهذا الكمِّ الهائل من أيمان الطلاق لابد لأصحابها من وقفة للتصحيح، وأول ذلك التوبة إلى الله عز وجل من الغفلة والذنوب، فإنه لم ينزل بلاء إلا بذنبٍ، ولم يُكشف إلا بتوبة(1). وكلُّ مسلم أعرف بذنبه، ولله واعظٌ في قلب كل مؤمن.
ما وقع من أيمان بعد الطلقة البائنة لا يُحتسب؛ لأنه لم يصادف زوجيَّةً قائمة، فقد كان يجب عليكم تجديدُ العقد بعد هذه الطلقة البائنة، ومن ثمَّ فقد كانت العلاقة طوال هذه الفترة علاقة غير شرعية؛ لافتقادها عقد الزوجية، وأرجو أن تُعذَروا بجهلكم في هذه الورطة العظيمة.
وما كان من طلاق بعد تجديد العقد فهو الذي يُعتد به، وقد جددتم عقد الزواج على ما بقي لكما من أيمان، وكان قد بقي لكم طلقتان، تحتسب عليكما الطلقة الأولى التي راجعك بعدها.
أما الثانية وهي التي سمح لك فيها بالحديث مع المرأة التي منعك من الحديث معها فيتوقف الأمر على نيَّته عند الحلف: إن كان قد قصد أنك لا تتحدثين معها إلا بإذنه، وقد أذن لك بالحديث، فلا إشكال، ولم تقع اليمينُ، ولم يحدث الحنث، أما إن كان قد قصد المنع مطلقًا، فإن إذنه بعد ذلك لا ينفعُه، وإذا احتسبت هذه الطلقة فقد أصبحَ مجموعُ الطلقات المحتسبة ثلاثًا، فلا تحلِّين له من بعد حتى تنكحي زوجًا غيره(2).
وأنصح أن تذهبوا إلى أحد الشيوخ المخالطين لكم عن قرب لتقصُّوا عليه القصص، فإن الأمر أجلُّ من أن يُحل بمجرد استفتاء من بُعْدٍ على النت. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (1/ 124) حديث (727) من قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

(1) قال تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229، 230].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend