حول يمين الطلاق الذي لا يقصد به الطلاق

أصبحتُ كثيرَ الوَسواسِ بسبب الطَّلاقِ، وأصبحتُ أشكُّ في أن كلَّ مُفتٍ يَختلِفُ عن الآخرِ في فتواه، كتبتُ الكتابَ ولم أدخلْ على زوجتي، وأسئلتي هي:
1 ـ الحلف بطلاقٍ معلَّقٍ على شرطٍ بحديث النَّفْسِ هل يقع به الطَّلاقُ أم لا؟ قلتُ بيني وبين نفسي: «عليَّ الطلاقُ ألا أكلمَ شخصًا مرةً أخرى». وللأسفِ كلَّمتُه أكثرَ من مرَّةٍ.
2 ـ حلفتُ بيني وبين نفسي بقول: «تحرُمُ عليَّ زوجتي إذا غارتْ عليَّ أو شَكَّتْ».
3 ـ قلتُ بيني وبين نفسِي: «عليَّ الطلاقُ، إن سافرتُ أنْ أذهبَ إلى مكانٍ معيَّنٍ». فإذا سافرتُ ولم أذهب إلى المكان الذي حلفتُ أن أذهبَ إليه فهل يقعُ الطَّلاق أم لا؟
4 ـ أثناء شرح المعلِّم لي قال: «قبلتُ البيعَ بداخلي». فقلتُ: «قبلت الطلاقَ»، فهل وقع الطَّلاقُ أم لا؟ فكل ما ذكرتُهُ وساوسُ لا يتَرتبُ عليها طلاق، ولكنِ ازدادَ الحالُ سوءًا.
وأحيانًا تحدِّثني نفسي ويوسوسُ ليَ الشيطان بحديثٍ دار بقلبِي بألا أُجالسَ أو أذهب لأشخاصٍ تشاجرتُ معهم، ولكنْ تحرَّكَ لساني أو همس ببعض الأحرف لا أتذكرُ جيِّدًا ما قلتُه، ولكن أعتقِدُ قلتُ الكناية باليمين المُعلَّق، يدور في قلبي شيءٌ، وتحرَّك لساني بقول: «عليَّ الحرام أو الطلاق ألا أذهب لهم».
ومرةً لا أذكر ما الذي دار في قلبي، ولكن تَحرَّكَ لساني بكناياتِ: «عليَّ الطلاق» أو «تحرُمُ عليَّ…» وسكتُّ لم أكمل وتمالكتُ نفسِي، ودفعتُ كفَّارةَ يمينٍ وقلتُ: «إنِّي لم أنوِ الطَّلاقَ ولا يمينًا، ولكنْ وسواسٌ لا أعلم ما الذي حدثَ».
أفيدونِي أفادكم اللهُ وعتقنَا وإيَّاكم من نار جهنَّم، فأنا أخافُ أن آتِي زوجتي بالحرام والعياذُ بالله، ما فتواكم لأنِّي في حيرةٍ من أمري وأحسُّ الإحن؟ والحمدُ لله خَفَّ الوسواس عنِّي، لا أقول لنفسي: مريضٌ كي أتحجَّجَ بالوسوسة، ولكن وصفتُ لك حالتي، فلا تلمني يا شيخُ بكثرة الأسئلة، ولكنِّي أخاف الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمشكلتك – بالإضافة إلى الوسواس – تتمثل في كثرة القَفزِ بين المُفتِينَ، والتنقل بين مواقع الفتوى، اخترْ لنفسك مَنْ تثِقُ في دينه وعلمه، وارفعْ إليه مُشكلاتك، واثْبُتْ على ما يقولُه لك، إلا إذا انتابتكَ من قوله ريبة بناءً على مُسوِّغٍ معقولٍ، ثم نقول لك:
لا يقع الطلاق يا بني بحديث النفس، فإن الله تجاوزَ لهذه الأمة عما حدَّثتْ به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلَّم به(1)، فكل ما دارَ بينَكَ وبين نفسكَ من أمر الطلاق ولم تتكلم به أو تكتبه فإنه لغو لا يُعتبرُ في باب الطَّلاق.
وأيمانُ الطلاق التي لا يُقصدُ بها الطَّلاقُ، وإنما مجرد الحضِّ أوِ المنعِ تجبُ فيها عندَ الحنْثِ كفارةُ يمينٍ، وقد فعلتَ ذلك كما وَردَ في رسالتكَ.
ونُوصيكَ بأن تجتهد في أن تمنعَ نفسكَ من الخَوضِ في أيمان الطَّلاقِ فإنَّها ومَنْ لا خَلاقَ لهم، فـ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ»(2). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الشهادات» باب «كيف يستحلف» حديث (2679)، ومسلم في كتاب «الأيمان» باب «النهي عن الحلف بغير الله» حديث (1646)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend