دخلت محلًّا تجاريًّا وصادفت اثنين من أصحابي، وذهب للثلاجة لأشتري عصيرًا، فحلفتُ بالطلاق أن أسقِيَ واحدًا منهم عصيرًا فقط ولا أعطي الآخر، فأعطيتُ أحدَهم عصيرًا ورآني الآخرُ فخجلت، فقمتُ بإعطائه هو الآخر عصيرًا، وبعدها أصبحتُ أتخبَّطُ بين وقوع الطلاق وعدمه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلعلَّ هذا التخبط الذي تعانيه من شُؤمِ التسرُّع إلى الحلف بالطلاق في كل شاردة وواردة. هل تستطيع أن تجيب من يسألك: ما علاقةُ زوجتِك قعيدةِ بيتك ومقضَى شهوتك، وأمِّ أولادك بهذه العوارض التي تعرض لك في حياتك؛ فتفاجئها بزلزال يهدم عُشَّها فوق رأسها، ويخرب عليها بيتَها، ويشتت لها أولادَها؟
ومن ذا الذي يفعل ذلك؟! إنَّه الرجلُ الذي جعله الله قيِّمًا على هذا البيت، وراعيًا له، ومسئولًا عن تأمين ضروراته وحاجاته وتدبيرِ شئونه كلها. أيضيع ذلك كله في لحظة؟! ومن أجل كوب عصيرٍ ضننت به على رجلٍ فحلفت بالطلاق على عدم إعطائه، ثم أعطيته إياه خجلًا بعد ذلك، ويدفع ثمن هذه النزق والطيش زوجتك.
وبعد فإن كنتَ لا تريد طلاقَ زوجتك بذلك، وما حملك على هذا الحلف إلا إصرارُاك على منع هذا الرجل من أن ينالَ كوبَ عصير منك- فأخرج كفارةَ يمين، بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؛ فإن لم تجد فصيامُ ثلاثة أيام(1)، ولا تَعُد لمثل هذا الموقف أبدًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) قال تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89]