حلف بالطلاق أن لا يشاهد أغاني

حلفت بالطلاق أنني لن أشاهد أغاني مجددًا ثم حنثتُ، مشكلتي في عدم فهم النية.
السؤال الأول: هل إذا قلت في نفسي قبل الحلف: إنني أريد أن أحلف بالطلاق لكي أمتنع من مشاهدة الأغاني مجددًا؛ لأن الحلف بالطلاق شيء عظيم سوف يمنعني من المشاهدة. هل هذا الكلام يعتبر هو النية؟
السؤال الثاني: وهل لابد أن تكونَ النية أن امرأتي طالق إذا رأيتُ الأغاني مجددًا؟ هل هذه النية هي التي تدل على الطلاق؟
السؤال الثالث: وإذا كان هناك شكٌّ في النية: هل هي للمنع أم للطلاق. ما حكم ذلك؟
السؤال الرابع: وإذا قلت لزوجتي: إنك بهذا الأسلوب الجارح سوف تجعلينني وتدفعيني إلى أن أطلقك. فهل يحدث بذلك طلاق؟
وجزاكم الله خيرًا على سَعة صدركم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المقصود بالنية التي يقع معها الطلاقُ في هذا الباب ألا يكون مقصودك مجرد الامتناع عن سماع الأغاني، بل وقوع الطلاق على زوجتك عند الحنث، أي أنك تقصد أن زوجتك تكون طالقًا إذا عُدتَ إلى سماع للأغاني.
وإذا كان هناك شك في النية حُمل الأمر على الطلاق؛ لأنه الظاهر من اللفظ؛ ولأن التفريق بين الطلاق واليمين موضع نزاع ابتداءً بين أهل العلم، وجمهورهم على عدم هذه التفرقة(1).
أما سؤالك الأخير حول تهديدك لزوجتك بقولك: إنك بهذا الأسلوب الجارح سوف تجعلينني وتدفعينني إلى أن أطلقك. فهذا تهديد بالطلاق وليس طلاقًا، فلا يقع به طلاق إلا إذا أنفذتَ وعيدك وطلَّقتَها بالفعل.
وننصحك يا بني بالابتعاد عن الحلف بالطلاق أو التهديد به حتى لا تُدخل نفسك في هذه المضايق؛ ولأن كثرةَ الحلفِ شأنُ مَن لا خلاق لهم ولا مروءة لديهم. عافانا الله وإياك. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (3/716-718): «اليمين تطلق على التعليق أيضًا، فلو علق طلاقًا أو عتقًا فهو يمين عند الفقهاء فصار لفظ اليمين مشتركًا، ولعلهم إنما صرفوه هنا إلى اليمين بالله تعالى لأنه هو الأصلي في المشروعية ولأنه هو المعنى اللغوي أيضا فينصرف عند الإطلاق إليه، وينبغي أنه لو نوى به الطلاق أن تصح نيته لأنه نوى محتمل كلامه فيصير الطلاق معلقًا على ما حلف وتقع به عند الحنث طلقة رجعية لا بائنة لأنه ليس من كنايات الطلاق».
وجاء في «بدائع الصنائع» حنفي (3/30-31): «وأما حكم هذه اليمين فحكمها واحد وهو وقوع الطلاق أو العتاق المعلق عند وجود الشرط فتبين أن حكم هذه اليمين وقوع الطلاق والعتاق المعلق بالشرط، ثم نبين أعيان الشروط التي تعلق بها الطلاق والعتاق على التفصيل، ومعنى كل واحد منهما حتى إذا وجد ذلك المعنى يوجد الشرط فيقع الطلاق والعتاق وإلا فلا، أما الأول فلأن اليمين بالطلاق والعتاق هو تعليق الطلاق والعتاق بالشرط ومعنى تعليقهما بالشرط – وهو إيقاع الطلاق والعتاق في زمان ما بعد الشرط – لا يعقل له معنى آخر، فإذا وجد ركن الإيقاع مع شرائطه لا بد من الوقوع عند الشرط».
وجاء في «حاشية الصاوي» من كتب المالكية (2/209-211): «قوله: [ واليمين ] إلخ: محل لزوم الكفارة في إلزام اليمين ما لم يكن العرف في اليمين الطلاق وإلا لزمه طلقة رجعية كما في بن عن الونشريسي وغيره قال في حاشية الأصل: والحق أنه يرجع لعرف البلدان الذين تعارفوه في الطلاق، فإن كان عرفهم البتات لزمه الثلاث، وإن كان عرفهم استعماله في الطلاق فقط حمل على الرجعي. وعرف مصر إذا قال يمين سفه كان طلاقا».
وجاء في «فتاوى السبكي» من كتب الشافعية (2/309-311): «مسألة: إذا علق الرجل طلاق زوجته على شرط قاصدا اليمين إما لحث أو منع أو تصديق، ثم وجد ذلك الشرط وقع الطلاق».
وجاء في «تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (8/132-133): «(والحلف بالطلاق) وغيره إذا علق الطلاق به (ما تعلق به حث) على فعل (أو منع) منه لنفسه أو لغيره أو لهما (أو تحقيق خبر) ذكره الحالف أو غيره ليصدق فيه؛ لأن الحلف بالله تعالى الذي الحلف بالطلاق فرعه يشتمل على ذلك (فإذا قال إن حلفت بطلاق فأنت طالق ثم قال إن لم تخرجي) مثال للأول (أو إن خرجت) مثال للثاني (أو إن لم يكن الأمر كما قلت:) مثال للثالث (فأنت طالق وقع المعلق بالحف) في الحال؛ لأنه حلف».
وجاء في «شرح الزركشي» من كتب الحنابلة (7/67-69): «وإن كانت اليمين بالطلاق والعتاق فإنهما يلزمانه، لترددهما بين التعليق بالشرط – لأن صورتهما صورته – وبين اليمين، لوجود معنى اليمين فيهما وهو الحث أو المنع، فغلب جانب التعليق احتياطًا للفروج، ولفكاك الرقاب».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend