حديث النفس بالطلاق عند قول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين(1)

أنا عندي وسواس قويٌّ جدًّا في أمور الطلاق، فلا أستطيع أن أجلس بدون أن أتحدث مع أيِّ شخص أو أذكر الله؛ حتى أُشغِل فكري ولساني ولا أفكر في هذه المواضيع، وأقع في الشكِّ في التلفظ وفي النية.
واليوم وأنا في خطبة الجمعة ظللت أردد قول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. وذلك منذ بداية الخطبة، وأثناء الخطبة تحدَّث الشيخ عن ضرورة اختيار الزوجة على أساس الدين وليس على أساس المال أو الجمال أو النسب، ولكني بصراحة عند زواجي لم أكن ملتزمًا بالدرجة الكافية، ولم أختر زوجتي على أساس الدين.
المهم أثناء قول الشيخ الحديث المتعلق بهذا الموضوع وهو اختيار الزوجة على أساس الدين أنا كنت أردد: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. وأثناء ذلك شعرت بخوف أن أكون ربطت بين حديث الشيخ عن اختيار الزوجة ودعائي هذا؛ لأني لم أختر زوجتي على أساس الدين، فجاءني الوسواس، ومنذ ذلك الحين وأنا أفكر في هذا الموضوع.
فهل يا شيخ يقع شيءٌ بسبب قولي هذا الدعاء إذا قلته بنيَّة الندم أني لم أختر زوجتي على أساس الدين؟ أو بأي نية أخرى أثناء كلام الشيخ؟ ولكن لم يكن في نيتي أبدًا أي فرقة أو طلاق، حيث إنني- والحمد لله- سعيدٌ مع زوجتي بالرغم من أنني لم اخترها على أساس الدين، لكن الله جعلنا- والحمد لله- نلتزم بعد الزواج، ونحن الآن نساعد بعضنا على التقرب إلى الله.
أرجو من حضرتك الإجابة يا دكتور؛ خصوصًا وأني أصبحت الآن أخشى أن أدعو بهذا الدعاء على الرغم من ملازمتي له والحمد لله؛ خشية أن يأتي هذا الموضوع في دماغي مرة أخرى.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في الإكثار من هذا الدعاء خاصةً في أعقاب شعور المرء بأنه قد ابتُلي بسبب تقصيره، فلم يدعُ به مسلم ربَّه في شيء قط إلا استجاب له، وقد دعا به ذو النون عليه السلام كما قال تعالى: { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]. فكانت النتيجة: { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } [الأنبياء: 88]. فنجاه الله من ثلاث ظلمات وهي ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت.
وبطبيعة الحال لا يترتَّب على هذا الدعاء طلاقٌ ولا فرقة، إذ لا توجد أدنى علاقة بين الأمرين.
لكن الذي نُنبهك عليه أنه لا يجوز أن تنشغل بشيء أثناء خطبة الجمعة إلا بالإنصات للخطيب، فهذه هي فريضة هذه اللحظة، ومن قال لأخيه: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغا(1). فانتبه إلى هذا المعنى بارك الله فيك، وألبسك ثوب العافية، والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب» حديث (934)، ومسلم في كتاب «الجمعة» باب «في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة» حديث (851)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْـجُمُعَةِ: أَنْصِتْ. وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ- فَقَدْ لَغَوْتَ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend