تعليق الطلاق على إفشاء سر خصومة الزوجين للأولاد (3)

أعتذر منك على وضع المعلومات ناقصة، لكنني حاولت مع زوجي أن أسأله وأتاكد منه فلم يكن يريد الحديث معي ولا يعرف شيئًا عن الطلاق المعلق، ولعلمي بالطلاق المعلق وخوفي من وقوعه لذلك سارعت بالبحث عن رد حتى أتاني زوجي وقال: إنه لا يلزمني بتصرف أولادي أو ما يقولون، ولن يخرج من البيت.
فذكرت له شكي بأن ليس له الحق شرعًا الآن في تغيير رأيه عن كلمة: احسبي نفسك طالقًا عند شعور الأولاد بشيء.
عندها قال: كيف هذا؟! وكيف لا يكون له الحق في عدم إلزامي بشيء لم يقصد به سوى التهديد والتخويف؟! وأنه أبدًا لم يقصد أي طلاق ولا حتى خروجًا من البيت، بل كان يخيفني حتى يحثني على إصلاح ما بيننا وعدم إشعار الأطفال بالمشكلة؟!
وصُدم من قولي هذا: إنه يمكن أن يكون طلاقًا معلقًا. وعندما عرفت المعلومات كاملة منه أتيت لك بها.
ومشكور مشكور، وبارك الله فيك، والله أفرحتني كثيرًا، وأنا والله أخاف الله، وكنت خائفه جدًّا وأبكي لساعات وساعات خوفًا من عقاب الله إذا وقعت هذه الطلقة.
أشكرك كثيرًا لإفتائك بأنها غير واقعة، ولكننا سنكفر عنها للاحتياط كما ذكرت بإطعام المساكين.
وأبشرك يا شيخ بأنني وزوجي قررنا أن تكونَ هذه عظة لنا وزوجي عدل عن قرار الانفصال الروحي حتى أمام الأطفال، وحتى بيننا، فقررنا الرجوع إلى بعضنا بعد التأكد من عدم وقوع الطلاق كما أسلفت، وقررنا المحاولة مرة أخرى؛ لأننا بحق نحب بعضنا ولا غنى لأحدنا عن الآخر، ولكن العصبية والشيطان يقذف بيننا إلى أماكن لا نريد الوصول إليها.
ولدي فقط آخر أسئلة حتى يطمئن قلبي وتبعد الوساوس عني:
هل هذا الذي صار مع زوجي لا يعتبر طلاقًا معلقًا مع عدم نية زوجي لا في طلاق الآن ولا في المستقبل؟
هل نحن في حِل عنه؟ أعني بهذا: هل إذا أحس أبنائي بجفاءٍ بيني وبين أبيهم وسألوني في المستقبل عن ماذا بنا: هل يقع طلاق أم لا إلزام بشيء هنا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فبناء على التوضيح الذي صدر عن زوجك، وبناء على التحليل لموقفه الذي أرسلتُ به إليكم وأقررتموني عليه، فلا يوجد طلاقٌ، لا معلق ولا حلف بالطلاق.
ولا يؤثر على العصمة في المستقبل علمُ الأطفال بالخصومة أو عدم علمهم بها، ولكن يتعين عليك مراعاة مشاعر زوجك حتى لا تتكرر المحنة وتتجدد المأساة ونرجع مرة أخرى إلى هذه المضايق والجراحات.
ولكن أرجو أن يراجع زوجك الفتاوى التي أرسلت بها إليكم وأن يدققها ليرى إن كان تحليلي الذي ذكرته هو الذي قصده أم لا؟
ذلك أن الفتوى يا بنيتي تقوم على ركنين: العلم بالشرع، والدراية بالواقع. فنصفها وقائع، ونصفها الآخر نصوص وقواعد شرعية، وعلى قدر دقة المستفتي في عرض استفتائه تكون دقة الفتوى، والمسئولية عن الوقائع تكون على عاتق المستفتي، والمسئولية عن النصوص والقواعد الشرعية تكون على عاتق المفتي، فهي مسئولية مشتركة بين الطرفين.
وفتوى المفتي يا بنيتي تُبنى على الظاهر والله يتولى السرائر؛ ولهذا فهي لا تُحِل حرامًا ولا تحرم حلالًا، بل الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله(1).
فأرجو أنك وزوجك كنتما دقيقين في عرض الوقائع، وأرجو أن يكون تحليلي الذي بسطته لكما مطابقًا للواقع.
ونسأل الله لكما الهدى والتقى، وأن يصرف عنكما كيد الشيطان، وأن يرزقكما في الدنيا عيش السعداء وفي الآخرة منازل الشهداء. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) فقد أخرج الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في لبس الفراء» حديث (1726)، وابن ماجه في كتاب «الأطعمة» باب «أكل الجبن والسمن» حديث (3367) من حديث سلمان ، قال: سُئل رسول الله ﷺ عن السمن والجبن والفراء قال: «الْـحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْـحَرَامُ مَا حَرَّمَ االلهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ»، وحسنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3367).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend