تطليق الوكيل على موكله من غير إذنه

إذا وكَّل شخصٌ شخصًا وكالةً عامة عن طريق عمل توكيل عام شامل في الشهر العقاري، فقام الوكيل بتطليق زوجة الموكل. فهل يقع هذا الطلاق علمًا بأن المُوكِّل لم يطلب منه التطليق ولا يُريد إيقاع الطلاق أصلًا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن العِبرة في الوكالة بما اتجهت إليه نيةُ المُوكِّل وقصده.
والأصل في تصرُّفات الوكيل أن تكون لمصلحة المُوكِّل، فإذا لم تتجه نية المُوكِّل إلى توكيله في تطليق زوجته فتطليقه لها بمقتضى هذه الوكالة لَغْوٌ ولا يعتد به، وذلك من جهتين: أنه لم يدخل في مفردات الوكالة عندما أُبرمت، فهو تصرُّف من غير ولاية ولا وكالة، وأنه قصد به المضارَّة بالمُوكِّل، وهو عكس المقصود بالوكالة، فبمجرد إعلان الموكل عن انتفاء قصده إلى توكيله في ذلك يُعتبر هذا الطلاق لغوًا، هذا فضلًا عما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول ببطلان الوكالة المطلقة من الأساس.
يقول ابن قُدَامة في «المغني»: «ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم، فإذا قال: وكلتك في كلِّ شيء، أو: في كلِّ قليل وكثير، أو: في كل تصرف يجوز لي، أو: في كل ما ليَ التصرف فيه- لم يصح، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال ابن أبي ليلى: يصح ويملك به كل ما تناوله لفظه؛ لأنه لفظ عام فصحَّ فيما يتناوله، كما لو قال: بع مالي كله. ولنا: أن في هذا غررًا عظيمًا وخطرًا كبيرًا؛ لأنه تدخل فيه هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه وتزوج نساء كثيرة، ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم الضرر»(1).
هذا من الناحية الشرعية، أما الناحية القانونية فتبحث مع رجال القانون. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1)  «المغني» (5/69).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend