تخيُّل الحلف بالطلاق على فعل شيء ولم يفعله

أنا رجل مبتلى بالوسواس في الطلاق، وحدث معي موقف: كنت جالسًا أنا وصديقي، وكان يريد أن يذهب إلى بيته، وكنت أتخيل أني أحلف عليه بالطلاق أن أوصله في سيارتي دون أن يسمع كلامي، وشعرت وأنا أتكلم أن لفظ الطلاق يجري على لساني، وفجأة قام ليذهب فقلت له: هل أوصلك إلى البيت؟ فقال: لا. فبعدها حزنت وقلت في نفسي: إني نويت وشعرت أنها نيتي فعلًا. فهل وقع مني طلاق؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن ما تتحدَّث عنه محض وساوس أرجو ألا يؤاخذك الله تعالى بها، فلا تُلقِ لها بالًا، ولا تلتفت إليها؛ حتى لا تجعل للشيطان سبيلًا إليك، وما عالجت الوسواس بمثل أن تطرحه، وألا تعول عليه، وربك واسع الرحمة والمغفرة، وما جعل عليك في الدين من حرج.
وصاحب الوسواس يكون في أغلب أوقاته في حالة إغلاق، يقول الشيخ ابن عثيمين: ثم إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه إذا لم يكن عن قصد؛ لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق مكرَه عليه لقوة الدافع وقلَّة المانع، وقد قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(1)، فلا يقع منه طلاق إذا لم يُرِدْه إرادةً حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغمًا عليه الإنسان بغير قصدٍ ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق.
فأرجو أن يكون لك في كلمة هذا الشيخ الجليل موعظة وتذكرة، وأن تخرج بها نفسك من محرقة الوساوس.
ونسأل الله أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/216) حديث (2802). من حديث عائشة ل، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend