إذا كان الإسلام قد حث على حسن اختيار الزوجة؛ لأنها هي التي ستربي الأولاد، فكيف يسمح بالزواج من يهودية أو نصرانية تؤمن بأن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيٌّ غير صادق؟ أليس في هذا ضررٌ على الأولاد؟ ألا يترك الأب البيت ساعات طويلة، ويبقى الأولاد مع أمهاتهم؟ فعَلامَ ستُربي هذه الأم الكافرة أولادَها؟ وإذا كان العلماء يحذرون من التأثير السلبي للخادمات الكافرات في بلاد الإسلام على الأولاد، أفليس كونُ تلك الكافرة أُمًّا للأولاد أخطرَ وأشدَّ سوءًا؟ وهل يختلف الحال في هذا الزمان الذي فيه المسلمون ضعفاء عما كان في الماضي وقت عزة المسلمين؟ وهل من ضوابط وضعها الشرع للحيلولة دون وقوع تلك السلبيات؟ أرجو منكم الإفادة، وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه المفسدة المذكورة تقابلها مصلحة هداية الزوجة إلى الإسلام وتألُّف قلبها عليه، وهذا هو الغالب في ظل اعتصام الزوج بحبل الله واستمساكه بدينه. وإذا خرج الأمر عن ذلك ينصح بعدم الدخول في هذه المجازفة.
وقد عقد مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا دورة حول نوازل الأسرة المسلمة خارج ديار الإسلام، وتعرض لموضوع الزواج بالكتابيات، ومن قراراته في هذه الشأن ما يلي:
• العقد على الكتابية العفيفة صحيح، والزواج بها مشروع مع الكراهة، خلافًا لمن ذهب إلى بطلانه أو قال بنسخ إباحته من أهل العلم.
• وللزواج بالكتابيات، وإن كان مشروعًا، مخاطرة البالغة، منها خشية كساد المسلمات، أو تعاطي غير العفيفات ونحوه، ومنها ما أسفرت عنه التجارب المعاصرة من آثار خطيرة على مستقبل الناشئة في حالات الطلاق أو التفريق بين الزوجين التي تكثر في مثل هذه الحالات، ولا سيما في ظل حالة الضعف التي تعيشها الأمة عامة وأقلياتها المهاجرة خاصة في هذه الأيام.
• وينبغي على القائمين على الدعوة في المراكز الإسلامية التنبيهُ على هذه المخاطر، ومن أراد منهم أن يمتنع عن إجراء مثل هذه العقود سياسةً فلا حرج في ذلك؛ ما لم يؤد ذلك إلى وقوعهم تحت طائلة القانون. والله تعالى أعلى وأعلم.