الطلاق ثلاثًا في غضب

قلت لأبي زوجتي في التليفون وأنا في حالة غضب شديدة لدرجة أني لم أكن في وعيي: «ماذا أقول؟ بنتك طالق طالق طالق». فما الحكم في ذلك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأوَّل ما نُوصيك به يا بني هو قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن قال له: أوصنِي يا رسول الله. فقال له: «لَا تَغَضَبْ». فردَّد الرجلُ مرارًا، ولا يزيد نبينا على أن يقول له: «لَا تَغْضَبْ»(1).
والمقصود النهيُ عن الأسبابِ التي تحمِلُك على الغضب، وإذا غضبت فذلك نهي عن التصرفات الحمقاء والمواقف الرعناء التي قد يدفعك إليها هذا الغضب.
والغضبُ با بني أحدُ الأبواب التي يدخل منها الناس إلى النار؛ قال ابن القيم رحمه الله: «دخل الناس النار من ثلاثة أبواب: بابُ شُبهةٍ أوْرثت شكًّا في دين الله، وبابُ شهوةٍ أورثت تقديمَ الهوى على طاعته ومرضاته، وبابُ غضب أورث العُدوان على خلقه»(2).
أما من حيث قولك لوالد زوجتك: «بنتك طالق طالق طالق». فإن كان الغضبُ قد بلغَ بك مبلغَ الإغلاق، أي أُغلق عليك بابُ القصد والعلم جميعًا- لم يُحتسب عليك هذا الطلاق، لحديث: «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقِ»(3).
وأما إن كان الغضبُ لم يبلغ بك هذا المبلغ، احتُسب عليك الطلاق.
وإن كنت قد قصَدت بهذا اللفظ تأكيدَ الطلاق احتُسبت عليك طلقة واحدة، وإن قصدت تأسيس طلقات جديدة احتسبت عليك ثلاثًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الحذر من الغضب» حديث (6116) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2) «الفوائد» ص58.

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend