الطلاق الكنائي مع إنكار النية

قال لي زوجي وهو يمرُّ بأزمة مالية كبيرة وبعد مشادة بيننا انتهت بالصلح: «يلا، عشان أنام أروح أشوف الشغل أقفله، يبقى أنا كده قفلت الشغل وطلقت مراتي».
فقلت له: إن هذا يحتمل الطلاق جدًّا. قال لي: «ليه، هو أنا قفلت الشغل».
وكان يتحدث باستهتار، ويقصد أنه إذا أغلق محلَّ عمله سوف يخرب البيت. فهل هذا طلاق؟ وهو يعتقد أن الطلاق يجب أن يقول لي: أنت طالق. فقط، ويقول: إن الله يعلم ماذا يريد أن يقول.
وهل إذا أخذت بعدم وقوع الطلاق البدعي عليَّ إثم؟
لكي أخرج من هذا المأزق الذي يتكرر لتعدد تلفظ زوجي بالحلف بالطلاق، وأنا أعيش في دوامة دائمة، فهل أتركه أم أستمر معه على أساس أن الطلاق البدعي لا يقع؟ أفتوني جزاكم الله الجنة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأول ما يُنصح به الزوج ألا يتعامل مع العصمة الزوجية بهذه الخفَّة وبهذه اللَّامبالاة؛ فإن شأنها عظيم، وقد سماها الله تعالى في كتابه ميثاقًا غليظًا؛ فقال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]. ومن تعظيم الله عز و جل  تعظيمُ شعائره وتعظيمُ حرماته.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن الطلاق نوعان: صريح وكنائي، فالصريح هو ما صرح فيه بلفظ الطلاق للزوجة، أما الكنائي فهو ما عرَّض لها به، كما لو قال لها: الحقي بأهلك. قاصدًا بذلك طلاقها.
والطلاق الكنائي لا يقع إلا مع النية، فإذا لم ينو الطلاقَ بمثل هذه العبارات غير المباشرة لم يقع بها الطلاق.
وبناء على ذلك فإذا قال الزوج: إنه لا يقصد الطلاق بهذه العبارة. فإنه يترك إلى ديانته والله حسيبه.
أما الحلف بالطلاق الذي يقصد به الحضَّ على فعل شيء أو الامتناع عنه، فإنه إذا قصد به الطلاق كان طلاقًا، وإن لم يقصد به الطلاق بل مجرد الحض أو المنع كان يمينًا مكفَّرة، فيخرج من تبعته عند الحنث بكفارة يمين(1).
أما الطلاق البدعي- ولعلَّكِ تقصدين طلاقَ المرأة في حيضتها- فإن جماهير أهل العلم على وقوعه، وقد أخذت وثيقة مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا للأحوال الشخصية بذلك، وفي المسألة قولٌ آخر بعدم الوقوع لا يتبنَّاه المجمع، مع اتفاق الأمة على تحريمِه. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________

(1) قال تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend