الرجعة من طلاق صريح عبر الهاتف(1)

حدث مع زوجي مشكلة، وهو مسافر في السعودية، وأنا هنا في مصر، وبسببٍ بسيط جدًّا أخذ الموضوع شكلًا كبيرًا، وطلبت الطَّلاق منه، وقلت: أنا لا أريدك، ورمى اليمينَ عليَّ، وقال لي: أنت تريدين أن تطلقي؟ قلت: نعم. فقال لي: أنت طالق.
فما حكم الشَّرع؟ وكيف يردني؟ وهو طلقني عبر الهاتف فكيف الرُّجوع؟ أرجو الردَّ سريعًا. وجزاكم الله خير الجزاء إن شاء الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فمن قال لزوجته: أنتِ طالق. وكانت في طهر لم يمسسها فيه فهذا طلاق سني يُحتسب على الزوج، لا فرق بين أن يكونَ الطَّلاق مباشرة في حضور الزَّوْجة أو في غيابها أو أن يكونَ عبر الهاتف، فإن كانت هذه هي الطَّلقة الأولى أو الثَّانية فإن له أن يراجع زوجته ما دامت في العدة، والمراجعة تكون بالأقوال أو بالأفعال، وبالنِّسْبة لحالتك يكفي أن يقولَ الزَّوْج وهو غائب: أرجعت زوجتي إلى عصمتي، ويستحب له الإشهاد على ذلك، وإن كانت الطَّلقة الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره(1).
وننصحك بتقوى الله عز وجل  وبحسن التبعل لزوجك(2)، وألا تخرجيه باستفزازك له إلى ما يكره وتكرهين. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) قال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *  فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾} [البقرة: 229، 230]

(2) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/421) حديث (8743)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/1787- 1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد ل: أنها أتت النبي ﷺ وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي ﷺ إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي ﷺ إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبِهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعِهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبر استبشارًا.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend