حلف زوجي منذ سنوات بالطلاق أن يتزوج زوجةً أخرى وأنا لم أعط الموضوع قدرَه لدوام زوجي على الحلف بالطلاق لأنه سريع الغضب جدًّا، ولأنه كان يبدو لي أنه يهدِّد فقط لأنه ليس لديه القدرة المادية على الزواج.
ومنذ فترة ليست بالقصيرة صارحني زوجي أنه يشعر بالقلق تجاه هذا القسم، وسألته هل نيته الطلاق إذا لم يتزوج فلم يجبني إجابةً شافيةً، ويقول أنني أريد التحايل على الفتوى، لكنني أعرف شخصية زوجي، وتقريبًا بعد كل قسم أسأله فيقول لي: التهديد هو نيتي.
لكنه يخاف هذه المرة بالذات بعد مرور سنوات، وهو الآن لا يريد الزواج ولكنه غير مطمئن، فهل إذا كان وقت الحلف في حالة غضب وكان بينه وبين نفسه مصممًا وعاقد النية على الزواج، هل يقعُ الطلاق إذا لم يتزوج؟ أم أن ذلك يُعدُّ قسَمًا عاديًّا؟ أم أن هناك كفارة؟ أفتوني جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإذا كان زوجك قد بلغ به الغضب مبلغًا أفقده العلمَ والقصد، بحيث أصبح مندفعًا إلى ما يقول بغير قصد ولا علم، فلا يقع طلاقه لحديث: «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقِ»(1)، وفسره الإمامُ أحمد بأنه شدَّةُ الغضب.
أما إذا لم يكن قد بلغ به الغضب هذا المبلغ، وكان مقصوده مجرَّد الحضِّ أو المنع وليس مقصوده مفارقة الزوجة عند الحنث، فهذا يلزمه كفارةُ يمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم؛ فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام(2).
أما إن كان قد قصد إلى مفارقة أهله إذا لم يقع المحلوف عليه فتلزمه طلقة عند الحنث، وله مراجعة زوجته ما دامت في العدة، إن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403) ، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193) ، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046) ، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).
(2) قال تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].