التلفظ بلفظة الطلاق مرارًا لتجربة مخارجها

سؤالي: إذا كان الرجل يقرأ مقالًا على الإنترنت يتعلق بلفظ الطلاق باللهجة العامية، حيث أفتى أحد الفقهاء بأن لفظ الطلاق بالعامية لا يقع؛ لأن أحرف القاف أو الطاء لا تُلفَظ بشكل صحيح، وبالتالي الطلاق لا يقع.
المشكلة أن هذا الشخص المتزوج، وبعد انتهائه من قراءة المقال، تلفظ بكلمة طالق عدة مرات ليجرب هل فعلًا اللفظ باللهجة السورية لا يعطي أحرف طالق حقها، وخصوصًا حرف الطاء، وربما حرف القاف بشكل صحيح وليس بالهمزة، ولربما سبق لفظة طالق لفظ أنتِ قبل أن يتنبه لما فعل. فهل يقع الطلاق؟ علمًا بأنه قصد لفظ الطلاق، وهل يقع عدة مرات؟
ملاحظة: لم تكن الزوجة في غرفة المكتب؛ لأنها كانت في البيت وحدث هذا في مكتب العمل ولم يكن هناك أحد مع الزوج ولم يخاطب أحدًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا يظهر وقوع الطلاق بما ذكرت، لتخلف القصد، فإنه لم يتجه بنطقه هذا اللفظ إلى إيقاع الطلاق قط، وإنما إلى تجربة اللفظ أو طريقة النطق، ومثل هذا لا يقع به طلاق، كما لو قال الأعجمي لزوجته: أنت طالق، وهو لا يعلم معنى هذه الكلمة، فلا يقع بهذا اللفظ طلاق.
قال ابن قدامة في «المغني»: «فإن قال الأعجمي لامرأته: أنت طالق. ولا يفهم معناه لم تطلق؛ لأنه ليس بمختارٍ للطلاق، فلم يقع طلاقه، كالمُكرَه». انتهى(1).
وقال الخَرَشيُّ في «شرحه لمختصر خليل المالكي»: «يعني أن من لُقِّن لفظ الطلاق بالعجمية أو بالعكس، فأوقعه وهو لا يعرف معناه، فإنه لا يلزمه شيء، لا في الفتوى ولا في القضاء؛ لعدم القصد الذي هو ركن في الطلاق، فإن فهم فإنه يلزمه اتفاقًا». انتهى(2).
وفي «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» للعز بن عبد السلام متحدثًا عن هذا الموضوع: «وإن قصد العربيُّ بنطق شيء من هذه الكَلِم مع معرفته بمعانيها نفذ ذلك منه، فإن كان لا يعرف معانيها، مثل أن قال العربي لزوجته: أنت طالق للسنة، أو للبدعة، وهو جاهل بمعنى اللفظين، أو نطق بلفظ الخلع أو غيره أو الرجعة أو النكاح أو الإعتاق وهو لا يعرف معناه مع كونه عربيًّا، فإنه لا يُؤاخذ بشيء من ذلك؛ إذ لا شعور له بمدلوله حتى يقصد إلى اللفظ الدال عليه، وكثيرًا ما يخالع الجهال من الذين لا يعرفون مدلول اللفظ للخلع ويحكمون بصحته للجهل بهذه القاعدة». انتهى(3).
والفرق بينه وبين الهازل أن الهازل قصد إلى اللفظ وهو عالم بمعناه مدركٌ أن هذا اللفظ يُستعمل في الطلاق، ولكنه قصد به العبث، فرد الشارع عليه قصده وحاسبه بنقيضه عقوبةً له على تلاعبه بهذا الميثاق الغليظ، أما صاحبنا هذا فله مقصود صحيح، وهو التعلم أو تحرير مناط الفتوى، فليس هذا من ذاك. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________

(1) «المغني» (7/303).

(2) «شرح مختصر خليل» للخرشي (4/33).

(3) «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» للعز بن عبد السلام (2/102).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend