البر بالهبة كيمين طلاق معلق ثم الرجوع فيها

فضيلة الشيخ حفظك الله؛ أنا حلفت بالطلاق أن أعطي شخصًا مبلغًا من المال فأعطيته ووفيت بالشرط المعلق، وكنت في أمس الحاجة للمبلغ فحولت له المبلغ على حساب ابنته، فاستلم المبلغ وبعد استلامه قلت له: أريد أن استلف منك مبلغًا من المبلغ الذي أعطيتُكَه فوافق، هل إن أخذت منه المبلغ عن طريق الاستلاف هل علي شيء؟ مع العلم أني لم آخذه إلى الآن.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا أدري هل أعطيته له وفاءً لدين عليك؟ أم أنه محضُ هبة له؟ فإن كان قضاء لدين له كان عليك فلا حرج- وقد بررت بقسمك وأوفيت بعهدك- أن تستلف منه هذا المال عند حاجتك إليه، فالأصل هو مشروعية الاقتراض عند الحاجة إلى ذلك.
أما إذا كان هذا المبلغ هبة فننصحك ألا تتسلفه منه مرة أخرى، خروجًا من شبهة العودة في الهبة، والتي ورد فيها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه». وقصة ذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حَمَل على فرس في سبيل الله فوجده عند صاحبِه وقد أضاعه، وكان قليلَ المال، فأراد أن يشتريَه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: «لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أُعْطِيتَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ مَثَلَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»(1).
ووجه المنع من ذلك أنه سيحمله الحياء على عدم رد طالب القرض وهو صاحب المال ابتداء، فيحمله الحرج على قبول استقراضه، وإن كان هو نفسه في مسيس الحاجة إليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الهبات» باب «كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه» حديث (1620).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend