الاحتراز من وقوع يمين طلاق

أقسم عليَّ زوجي بالطلاق ألا يأخذ من مالي لشراء شقة لنا. فهل يمكن أن أعطيه المال على أن تكون الشقة باسمي حتى نخرج من هذا المأزق؟
مع الإشارة إلى أن زوجي كان في حالة غضب عندما صدر منه هذا القسم، ولا أريد مناقشته في نيته؛ لأن الظاهر لي وقتها أنه كان جادًّا في القسم، وهو الآن نادمٌ، لكن لم يقُل لي: إنه قصد المنع فقط.
لذلك اقترحت عليه أن تكون الشقة باسمي، أعني كأنه هو الذي يعطيني المال لشراء شقة لي.
فأرجو من فضيلتكم أن توجهوني للأصلح, وجُزيتم الجنة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأول ما نبدأ بنصحك به أن تتعرفي على السبب الذي أدخل زوجك في محرقة الغضب وفي مضايق القسم؟
إن مثله لا يفعل ذلك إلا من حرج نفسي قد وُضع فيه، فأراد أن يثأر لكرامته فأدخل نفسه في مضايق القسم؛ فالتمسي السبب وراء غضبه، وأنصفيه وردي إليه اعتباره.
وأخاف أن يسيء قراءةَ اقتراحك هذا فيفسره على أنه مزيدٌ من الطمع والأنانية والرغبة في الاستئثار والتملُّك. وأنت أخبر بزوجك وأقدر على قراءة مواقفه وردود أفعاله.
ومن العدل إذا كان المال مشتركًا أن يكون تسجيل البيت باسمكما معًا. ولكن على كل حالٍ إذا طابت نفسُه بهذا الاقتراح ففيه مخرج مناسب لكما.
واعلمي أن أحدًا لن يحمل معه بيتًا إلى الدار الآخرة، ولا غرفةً واحدة منه. واعلمي أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف وحطام الدنيا، بل سيرجع كلُّ منا إلى ربه فردًا صفرَ اليدين؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ [الأنعام: 94].
أموالُنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها(1)

فتدبري أمرك في ضوء هذه المعالم.
وأسأل الله أن يقذف المحبة بينكما، والهدى في قلوبكما، وأن يُعينكما على ذِكره وشكره وحسن عبادته. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) هذا البيت من قصيدة لعلي بن أبي طالب؛ وهي من بحر البسيط؛ ومطلعها:
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت أنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend