إخبار الزوجة بطلاقها كاذبة

هل يقع الطلاق في الحالات التالية: أنا أسكن مع أهل زوجي وتشاجرت أنا وزوجي وطلبت منه الطلاق، فقال لي: «بطلقك إذا تريدين الطلاق». وكانت عنده نية الطلاق، وأنا قلت له: أنا مُصرَّة على الطلاق، وأنا في الواقع لا تُوجد لديَّ نية بأن يطلقني. ثم قررت أن أذهب إلى بيت أهلي، وقلت لأهله كاذبةً: إنه طلقني. لكي يسمحوا لي بالذهاب إلى أهلي، ثم ذهبوا وسألوا زوجي فأجابهم: لا لم أطلقها. ثم تَمَّت مصالحتنا. هل وقع الطلاق؟
السؤال الثاني: هل وقع الطلاق عندما قلت له: بطلقك. مازحة؟
السؤال الثالث: هل يقع الطلاق عندما يتلفظ زوجي بألفاظ كنايات الطلاق، ثم أسأله عن نيته يقول لي أنه يقصد الطلاق، ثم عندما أعود وأسأله يقول لي أنه كان يكذب علي، وأنه لا يوجد عنده أيَّة نية للطلاق عند تلفظه، وأنه يكذب لكي يستفزني ولا أعاود فعل الشيء الذي يكرهه، هل يقع طلاق الهزل؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقبل أن نُجيبك على مسائل الطلاق نرجو الانتباه إلى خُطورة الكذب، وشؤم التمادي فيه، وتذكري يا بنيتي ما أخبر به المعصوم صلى الله عليه سلم: «إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّابًا»(1). فهل يسرُّكِ أن تُكتبي عند الله من الكاذبات؟! وأن يقودك كذبك إلى النار؟! وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: «نَعَمْ». فقيل له: أيكون المؤمن بخيلًا؟ فقال: «نَعَمْ». فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: «لَا»(2).
بالنسبة للسؤال الأول: لم يقع الطلاق لأنه توعَّد بالطلاق ولم ينفذ وعيده، لقد قال لك: «إن كنت تريدين الطلاق سأطلقك»، وهذا تهديد يإيقاعه وليس تنجيزًا له بالفعل، وتأكد عدم وقوعه بكونك لا تريدين الطلاق، وأنك كنت كاذبةً عندما زعمت أنك تريدينه. نسأل الله أن يتوب عليك من معرَّة الكذب.
وبالنسبة للسؤال الثاني: لا يقع الطلاق بقولك له: سأطلقك. مازحة كنت أو جادَّة؛ لأن الزوج هو الذي يملك عقدة النكاح وليس الزوجة، وكفي عن هذا المزح الثقيل البغيض الذي لا يجرُّ إلا إلى الشؤم والنكد.
وبالنسبة للسؤال الثالث: من أخبر بالطلاق كاذبًا لا يقع عليه الطلاق، ولا يحتسب عليه في الأظهر، وعليه إثمُ الكذب.
فتوبوا إلى الله جميعًا، وأقبلوا على حياتكم فاستصلحوها، وعلى أولادكم فاشتغلوا برعايتهم، فهذا خيرٌ لكم من هذه اللعنات المتبادلة. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}» حديث (6094)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «قبح الكذب وحسن الصدق وفضله» حديث (2607)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(2) أخرجه مالك في «موطئه» (2/ 990) حديث (1795) من حديث صفوان بن سليم رضي الله عنه. وذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (16/253) وقال: «مرسل مقطوع … ولا أحفظ هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ من وجه ثابت، وهو حديث حسن، ومعناه أن المؤمن لا يكون كذابًا. يريد أنه لا يغلب عليه الكذب حتى لا يكاد يصدق، هذا ليس من أخلاق المؤمنين».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend