ميراث من دعت أن لا يهنأ أحد بشيء من ميراثها

ماتت عمة زوجي، وقبل موتها دعت أن لا يهنأ أحد بمالها من بعدها؛ لأنها تريده أن يذهب للأوقاف، ولا تريد لأحد أن يأخذ منه شيئًا، ولم تتزوج وليس لها أولاد، وليس لها أحد إلا أخوان، والد زوجي وعمه. وبعد موتها أخذا حصتها في الأرض وتقاسماها، والآن والد زوجي يريد أن يعطي زوجي قطعة أرض يبني عليها منزلًا لنا؛ لأنه لا منزل لنا، ولكني لا أوافق على ذلك، وزوجي في حيرة؛ لأن الأرض فيها جزء من أرض عمته التي دعت أن لا يهنأ بها أحد.
ما الحل في ذلك؟ هل يقبل زوجي الأرض؟ علمًا بأن زوجي له إخوة وأخوات، فهل لهم حق فيها أيضًا؟ علمًا بأن والد زوجي لا يزال على قيد الحياة. أرجو الإفادة يا شيخ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الله قد قسم الميراث في كتابه، وبين حقوق كل وارث، وبين نبيه ﷺ حدود الوصية التي يشرع للشخص أن يوصي بها قبل موته، وهي أن لا تزيد على الثلث، وعندما أراد سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بكل ماله ولم تكن له إلا بنت ترثه، فنهاه النبي ﷺ عن ذلك وردَّه إلى الثلث، وقال له: «إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»(1). فلا حرج على والد زوجك أن يأخذ نصيبه من الميراث، ولا حرج على زوجك أن يأخذ ما يهبه له والده من ذلك إذا كان قد عدل في ذلك بينه وبين بقية إخوته، وإن كنا نحب لو تجاوب والد زوجك وأعمامه مع أختهم وقدموا ثلث مالها للأوقاف؛ إقرارًا لعينها وتطييبًا لخاطرها وتقديرًا لرغبتها، فإن هذا أَوْلى بهم فأولى ثم أولى بهم فأولى! حتى وإن كانت قد سبقت إلى لقاء الله ولم تتمكَّن من أن توصِ بذلك صراحة.
وأما دعاء عمتك فقد دعت عادلًا لا يظلم مثقال ذرة، ولعل الذي حملها على ذلك غلبة عاطفة، أو عارض من جهالة، أو سوء تأويل، عفا الله عنا وعنها. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الوصايا» باب «أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا» حديث (2742)، ومسلم في «الوصية» باب «الوصية بالثلث» حديث (1628)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   03 الوصايا والفرائض

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend