ورثت مالًا عن أبي اختلط فيه الحلال بالحرام من الرِّبا، وهو لا يعلم- أبي- أن فَعْلته التي كسب منها الحرام عن طريق الرِّبا أنها حرام، أي أنه حاول الابتعاد عن الرِّبا ولكن وقع فيه بصورة أخرى من دون علمه، فإنه كان يحاول أن يبعد عن المال الحرام بشتى الطرق ولكن الجهل الذي أوقعه في الحرام.
المهم أن أبي تُوُفِّي ولا يعلم حرمته، بل علمت أنا بعد موته بأن هذا المال مختلط بكثير من الحرام. فهل عليه ذنب؟ وماذا نفعل نحن الورثة في هذا المال؟ هل هو حلال أم حرام أم نُخرج قدر الحرام بالاجتهاد؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن حكم الخطاب لا يَثبُت في حقِّ المُكلَّف إلا إذا بلغه، فإذا كان والدك حريصًا في حياته على تجنُّب الحرام ثم وقع جهلًا في بعض العقود الفاسدة فأرجو أن يسعه عفو الله في ذلك، فقد قال تعالى:  ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286] وقد ثبت أن اللهَ تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
ولا حرج عليكم إذن في تملُّك هذه الأموال، وإن أخرجتم قدر هذه المكاسب بالاجتهاد كان ذلك أحوط وأبرأ للذمة، والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه عز و جل  لم يكلف إلا ما يُطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس رضي الله عنه .