مخالفة وصية المورِّث والعودة إلى التقسيم الشرعي منعًا للجور

كان حماي : يمتلك منزلين، الأول سعره عشرة أضعاف الثاني على الأقل، وقد قام في حياته ببيع المنزل الأصغر وقام بتوزيع ثمنه على بناته أربع بنات، ثم قام بكتابة المنزل الأكبر بيعًا وشراء لأولاده الذكور أربعة أولاد باعتبار أن البنات أخذن حقهن في الميراث في أثناء حياته، ولكنه لم يسجل ذلك العقد بالشهر العقاري.
والسؤال: هل يقع وزر هذا الفعل على الذكور أيضًا؟ وهل يقع الوزر على الأم؟ علمًا بأنها هي التي كانت تحرك زوجها في حياته. وهل يحق لزوجتي المطالبة بحقها الشرعي في الميراث؟ وفقكم الله سبحانه وتعالى.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الرجل يلزمه العدل بين أولاده في العطية؛ لقوله ﷺ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»(1)، وإن كانت الأم قد دفعت بزوجها إلى هذا الجَوْر فهي شريكة له في التبعة.
وعلى هذا فإذا طابت نفوس البنات بالوضع الراهن وآثرن الآخرة والمحافظة على وشائج الرحم وعدم إثارة ما يُفضي إلى التنازع وقطع الأرحام، فقد كتب لهن الأجر، ونرجو أن تبرأ بذلك ذمة الوالد :، وإن أَبَيْنَ إلا المطالبةَ بالحقوق فلهن ذلك.
وخير لزوجتك ألا تكون هي التي تُفجر فتيل هذه الأزمة، وخير من الدخول في هذه المضايق كلها أن يأتمر الجميع بينهم بمعروف، وأن يصلوا إلى حل المسألة صلحًا على نحو تطيب به النفس وتبقى به الوشائج مصونة قوية، و«الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْـمُسْلِمِينَ إِلا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (2)، وكان عمر يقول: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا؛ فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن(3).
ونسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه.

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في الصلح» حديث (3594)، وابن حبان في «صحيحه» (11/ 488) حديث (5091) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3594).

(3) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 303) حديث (15304)، والبيهقي في «الكبرى» (6/ 66) حديث (11142)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 534) حديث (22896).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   03 الوصايا والفرائض

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend