كتابة الأم شقَّتها لابنتها المطلقة القاطنة معها كعطيَّة لها دون بقية أولادها

السؤال: أمٌّ لديها ولدان وبنتان، وكلهم متزوجون، وحياتهم مستقرة، إلا بنت واحدة مطلقة منذ سنوات طويلة.
والأم تمتلك شقة، وتعيش فيها مع بنتها المطلقة. فهل يجوز أن تكتب عقد إيجار لمدة 59 سنة حتى لا يخرجها إخوتها بعد وفاة الأم فتجد البنت نفسها بلا مأوى، أم ماذا تفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المشروع في عطيَّة الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء؛ لحديث النعمان بن بشير ب: أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الـمَوْهِبة من ماله لابنِها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله ﷺ على ما وَهَبْتَ لابني. فأخذ أبي بيدي وأنا غلام، فأتى رسولَ الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أُشهِدك على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله ﷺ: «يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟». قال: نعم. فقال: «أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟». قال: لا. قال: «فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»(1).
ولا يجوز التفضيل إلا لمُسوِّغ شرعي، كأن يكون أحدهم مُقعَدًا لا يستطيع العمل، أو لكونه صاحب عائلة كبيرة ولا يكفي راتبه للإنفاق عليهم، أو لكونه مشتغلًا بطلب العلم.
وقد تُصرَف العطية عن بعض الأولاد بسبب فسقه ومعاصيه، أو عقوقه لوالديه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بالعطية على معصية الله {#emotions_dlg.azz}، وهذا هو قول الإمام أحمد :؛ فإنه قال في تخصيص أحدهم بالوقف: «لا بأس إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة يعني الإيثار، والعطية في معناه»(2).
ويجوز التفضيل إذا طابت نفوس بقية الإخوة بذلك، أو كان أحد الأبناء يقوم على خدمة والده أو والدته والقيام بشئونه، فيجوز إعطاؤه بقدر أجرة المثل ولا يزيد على ذلك؛ حتى لا يقع في التفضيل.
وأرى أن تلتمس الأم رضاء بقية أولادها بذلك؛ فإن طابت نفوسهم ارتفع الحرج بلا نزاع. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الهبات» باب «كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة» حديث (1623).

(2) «الكافي» (2/260).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   03 الوصايا والفرائض

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend