كشف المسلمة عورتها لمن تعينها على التجميل وعند تركيب لولب

ما حكم كشف الفخذ أو جزء منه من امرأة لامرأة مسلمة أخرى في حالة أنها تساعدها في التجميل والنظافة الجسدية؟
وما حكم كشف العورة لطبيبة سيدة مثلًا في حالة تركيب اللولب لتنظيم النسل أو غيره؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فخير ما أبتدئ به جوابي عن هذه المسألة كلمة جميلة للعز بن عبد السلام: في كتابه القيم «قواعد الأحكام» قال فيها: «ستر العورات والسوءات واجب، وهو من أفضل المروءات وأجمل العادات، ولاسيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات. أما الحاجات فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه، ونظر الأطباء لحاجة المداواة. وأما الضرورات فكمداواة الجراحات المتلفات، ويشترط في النظر إلى السوءات لقبحها من شدة الحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات، وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال؛ لما في النظر إلى سوءاتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين كالنظر إلى الأليتين»(1).
وفي مسألتك يا أمة الله قضيتان:
الأولى: كشف الفخذ أمام من تُعين على التجميل والنظافة الشخصية، ولا يظهر لي ضرورة بينة ولا حاجة ماسة في ذلك، إلا إذا كان بالمرأة عجز عن مباشرة ذلك بنفسها، فيترخص للحاجة وتقدر الحاجة بقدرها.
وما ذكرته من انتفاء الحاجة في مثل ذلك يُمثل تصوري للمسألة وفهمي لها من الناحية العملية، وإن كان الأمر على خلاف ذلك في بعض الحالات فإن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا.
الثانية: مسألة وَضْع اللولب، والأمر في ذلك أظهر، رغم أن كشف السوأة أشد من كشف الفخذ؛ لأنه لا سبيل إلى تركيب اللولب إلا من خلال إعانة خارجية، فحيثما وجدت الضرورة إلى تركيب اللولب أو الحاجة الظاهرة إليه فلا حرج في مباشرة المرأة له؛ لأنه لا يتسنى لامرأة أن تباشر تركيب اللولب بنفسها، ولكن يمكنها مباشرة النظافة بنفسها.
ونؤكد في مثل ذلك على ضرورة أن يكون ذلك من خلال طبيبة مسلمة، فإن لم تجد فطبيبة غير مسلمة، فإن لم تجد فطبيب مسلم، فإن لم تجد في نهاية المطاف فطبيب غير مسلم. وهو الترتيب الذي ذكره قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثامن. وأن يقتصر النظر على موضع الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________                                                                                 (1) «قواعد الأحكام» (2/140-141).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend