الدم النازل بعد انتهاء مدة النفاس

أنا امرأة أسقطت الجنين وعمره أربع أشهر لأسباب صحية، وبعدها نزل دم لمده أربعين يومًا وتوقَّف يومين ثم رجع مرَّة أخرى، والآن أنا محتارة: هل أصلي عندما يتوقف يومًا أو يومين؛ ثم ينزل مادة مع دم ليس بالكثير فأتوقف عن الصَّلاة، وبعدها يتوقف الدَّم.
سؤالي: هل هذا الدَّم فاسد؟ يعني بعد انتهاء الأربعين، وإلى الآن هذا الدَّم ينزل متقطعًا وبشكل بسيط، هل أتوضَّأ وأصلي أم ماذا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فقد ذهب جمهور العُلَماء إلى أنَّ أكثر أَمَدِ النِّفاس أربعون يومًا(1)، لحديث أم سلمة ل قالت: كانت النُّفساء تجلس على عهد رسول الله عز وجل  أربعين يومًا(2).
وقال ابن قدامة في «المُغني»: «هذا قول أكثر أهل العِلْم منهم عمر وابن عباس وعثمان بن أبي العاص وأم سلمة، وبه قال أصحاب الرَّأي، وقال مالك(3): ستُّون يومًا»(4).
وإذا امتدَّ بالمرأة الدَّمُ إلى ما بعد أقصى مُدَّة النِّفاس، فإن كان يوافق زمن عادتها في الحيض فهو حيض، وكذلك إن ميَّزته بلون أو رائحة دم الحيض، وإلا فهو استحاضة، لا تمنع الصَّلاة ولا الصوم ولا قراءة القرآن ولا غير ذلك، لحديث عديِّ بن ثابت عن أبيه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  قال: «الْـمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَصُومُ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»(5). والله تعالى أعلى أعلم.

____________

(1) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (1/299-300): «(وأكثره أربعون يومًا) كذا رواه الترمذي وغيره؛ ولأن أكثره أربعة أمثال أكثر الحيض». وقال البهوتي الحنبلي في «كشاف القناع» (1/218-219): «(وأكثر مدة النفاس أربعون يومًا من ابتداء خروج بعض الولد). حكاه أحمد عن عمر وعلي وابن عباس وأنس وعثمان بن أبي العاص وعائذ بن عمرو وأم سلمة ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي. قال أبو عبيد: وعلى هذا جماعة الناس، وقال إسحاق: وهو السنة المجمع عليها». وقال الشوكاني في «نيل الأوطار» (1/350-352): «وقد اختلف الناس في أكثر النفاس، فذهب علي عليه السلام وعمر وعثمان وعائشة وأم سلمة وعطاء والثوري والشعبي والمزني وأحمد بن حنبل ومالك والهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله وأبو طالب إلى أن أكثر النفاس أربعون يومًا».

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في وقت النفساء» حديث (311)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في كم تمكث النفساء» حديث (139)، وقال الترمذي: «أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق». وحسنه النووي في «خلاصة الأحكام» (1/240) وابن مفلح في «الآداب الشرعية» (2/401).

(3) جاء في «شرح مختصر خليل» للخرشي من كتب المالكية (1/209-210): «(ص) وأكثرُه ستون يومًا (ش) لا حدَّ لأقلِّ النفاس كالحيض وإن دُفعة عندنا وعند أكثر الفقهاء، خلافًا لأبي يوسف، وأما أكثر زمنه إذا تمادى متصلًا أو منقطعًا ستون يومًا على المشهور ثم هي مستحاضة، ولا تستظهر على الستين كبلوغ الحيض خمسة عشر، وظاهره أنها لا تعول على عادتها خلافا لما في الإرشاد».

(4) «المغني» (1/209).

(5) أخرجه أبو داود في كتاب «الطهارة» باب «من قال تغتسل من طهر إلى طهر» حديث (297)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة» حديث (126)، وابن ماجه في كتاب «الطهارة وسننها» باب «ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم» حديث (625)، من حديث عبيد بن عازب رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend