هل الكافر إذا أسلم يجب أن يختتن؟ مع العلم أنه قد يكون سِنُّه كبيرةً ويكون اختتانه صعبًا، ونحن نريد أن نُحبِّبه في يسر الإسلام فكيف يكون التَّصرُّف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الختانَ من شعائر الإسلام ومن الفِطْرة، وهو كذلك من ملة إبراهيم عليه السلام ، وقد قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 123]، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً»»(1).
فالختان على الرَّجُل المسلم واجبٌ إذا قَدَر عليه، فأما إذا لم يقدر عليه كأن خاف على نفسه التَّلف لو اختتن، أو أخبره الطبيب الثِّقَة أنه يحصل له نزيفٌ قد يُودي بحياته- فيسقط عنه الختان حينئذٍ ولا يأثم بتركه.
ولا يجوز بأيِّ حالٍ من الأحوال أن تُجعل مسألة الختان عائقًا بين الشَّخْص وبين دخوله في الدِّين، فلا تتوقَّف صِحَّة إسلامه على الختان، وإن خُشي تنفيره من الدِّين بإثارته معه فينتظر به إلى أن يثبت الإسلام في قلبه؛ فإن مفسدةَ ترك الختان دون مفسدة الرِّدَّة عن الدِّين أو ترك الدُّخول فيه.
وقد سئل الشَّيخ ابن عثيمين: ما حكم الختان للمسلم الجديد؟ ومتى يختتن؟
فأجاب: الحمد لله. الختان للمسلم الجديد واجبٌ، كما أنه واجب على المسلم الأصليِّ، ويجب عليه الاختتان من حين أن يُسلم، لكن إن اقتضتِ المصلحة في تأخير أمره بذلك خوفًا من فراره من الإسلام؛ لأن الإسلامَ لم يستقرَّ في قلبه بعدُ فلا بأس بذلك؛ لأن المفسدةَ الحاصلة بتأخير الختان أهونُ من مفسدة رِدَّته عن الإسلام بعد إسلامه. انتهى. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الاستئذان» باب «الختان بعد الكبر ونتف الإبط» حديث (6298)، ومسلم في كتاب «الفضائل» باب «من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام » حديث (2370)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .