التلفيق في الحيض إذا كان متقطعًا

جزاكم اللهُ كلَّ الخير، ما أُريد معرفتَه تحديدًا هو أنه في خلال أيَّام الدَّوْرة الشَّهْريَّة، إذا كان الدَّمُ مُتقطِّعًا خلال نفس اليوم أو خلال أيَّام الدَّوْرة أو إذا لم يكن هناك دمٌ على قطعة القماش، ولكن هناك دم خفيف جدًّا مع البول ويكون مُتقطِّعًا. ما حكم الصَّلاة؟ وكيفيَّة الاغتسال؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المرأة إذا كانت ترى الدَّم يومًا وليلةً ثم ترى النَّقاء يومًا وليلة أو أكثر أو أقلَّ فلا تخلو من واحدٍ من أمرين:
الأمر الأول: ألا يتجاوز هذا التقطيع خمسة عشر يومًا.
الأمر الثَّاني: أن يتجاوزَ هذا الانقطاع أكثر من خمسة عشر يومًا.
أما في الحالة الأولى وهي: ما إذا كانت الحالة المذكورة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا فقد اختلف العلماء في حكمها، فالإمامان مالك(1) وأحمد(2) يريان أن عليها أن تغتسل كلما رأت النَّقاء، وتصير في حكم الطَّاهرات يجوز لها ومنها ما يجوز لهن ومنهن، وهذا المذهب يُسمَّى مذهب التَّلفيق ومذهب اللقط.
وأما الإمام أبو حنيفة(3) والإمام الشَّافعي(4) فمذهبهما هو: أن جميعَ أيَّام النَّقاء والحيضِ حيضٌ، فتظلُّ المرأة في حكم الحُيَّض حتى تكمل عادتها أو تُميِّز، ويُسمَّى هذا المذهب بمذهب السحب وبمذهب ترك التلفيق.
أما إذا كان هذا التَّقْطيع يتجاوز خمسة عشر يومًا فإن الجميع مُتَّفقون على أن حكمها حينئذٍ حكم المستحاضة.
وعلى هذا فإن كنت من أهل الحالة الأولى فقد علمت أن في اعتبارك طاهرًا أو حائضًا في أيَّام نقائك خلافًا بين أهل العلم، وأيُّ مذهبٍ من المذهبين المذكورين عَمِلت به فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، لكن يجب التَّنبُّه إلى أن وَطْءَ مَن تَقطَّع دمها قبل أن تغتسل مُتَّفق على مَنْعه، وإنما الخلاف فيه بعد أن تغتسل كما سبق.
أما إذا كُنتِ من أهل الحالة الثَّانية فأنت مستحاضة تجري عليك أحكام المستحاضة، فتتوضَّئين لوقتِ كلِّ صلاةٍ. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «حاشية العدوي» من كتب المالكية (1/150-152): «(ثم إذا انقطع) الدم (عنها) أي: عن المرأة التي عاودها الدم بعد الطهر بيوم أو بيومين أو بساعة (اغتسلت وصلت) ولا تنتظر هل يأتيها دم آخر أم لا، وهذه مسألة الملفقة، وهي التي تقطع طهرها أي تخلله دم فصارت تحيض قبل تمام الطهر الفاصل».

(2) قال البهوتي في «كشاف القناع» (1/214): «(فصل في التلفيق) وشيء من أحكام المستحاضة ونحوها (ومعناه) أي: التلفيق (ضم الدماء بعضها إلى بعض) وجعلها حيضة واحدة (إن تخللها طهر) لا يبلغ أقل الطهر بين الحيضتين (وصلح زمانه) أي: الدم للمتفرق (أن يكون حيضًا) بأن بلغ يومًا وليلة، ولم يجاوز مع مدة الطهر خمسة عشر يومًا (فمن كانت ترى يومًا، أو أقل، أو أكثر دمًا يبلغ مجموعه أقل الحيض) يوما وليلة (فأكثر و) ترى (طهرًا متخللًا) لذلك الدم، سواء كان زمنه كزمن الطهر، أو أقل أو أكثر (فالدم حيض ملفق) فتجلسه؛ لأنه لما لم يمكن جعل كل واحد حيضة، ضرورة نقصه عن اليوم والليلة، أو كون الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر تعين الضم لأنه دم في زمن يصلح كونه حيضًا أشبه ما لو لم يفصل بينهما طهر (والباقي) أي: النقاء (طهر) لما تقدم، من أن الطهر في أثناء الحيضة صحيح (فتغتسل فيه، وتصوم وتصلي) لأنه طهر حقيقة».

(3) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (1/289-291): « (ولو ) المرئي (طهرًا متخللًا) بين الدمين (فيها حيض)؛ لأن العبرة لأوله وآخره وعليه المتون فليحفظ. ثم ذكر أحكامه بقوله (يمنع صلاة) مطلقًا ولو سجدة شكر (وصومًا) وجماعًا (وتقضيه) لزومًا دونها للحرج». وعلق عليه ابن عابدين بقوله: «(قوله ولو المرئي طهرًا… إلخ) مرادهم بالطهر هنا النقاء بالمد: أي عدم الدم».

(4) جاء في «مغني المحتاج» من كتب الشافعية (1/292-294): «(و) الأظهر أن (النقاء بين) دماء (أقل الحيض) فأكثر (حيض) تبعًا لها بشروط: وهي ألا يجاوز ذلك خمسة عشر يومًا، ولم تنقص الدماء عن أقل الحيض، وأن يكون النقاء محتوشًا بين دمي حيض، فإذا كانت ترى وقتًا دمًا ووقتًا نقاء واجتمعت هذه الشروط حكمنا على الكل بأنه حيض، وهذا يسمى قول السحب…».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend