هل هناك حديثٌ للرسول يمنع فيه التبوُّل واقفًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في التبوُّل واقفًا إذا أَمِن ارتدادَ البول إليه، فقد ثبت في الصحيحين والسنن من حديث حُذَيفة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سُبَاطة قوم فبال قائمًا(1)، فدلَّ هذا على جواز التبوُّل قائمًا بشرط أن يأمن مَن أراد فِعل ذلك من ارتداد البول عليه كما ذَكَر ذلك بعضُ أهل العلم.
وقد بيَّن الإمامُ النوويُّ : في «شرحه على صحيح مسلم» أن الأحاديثَ الواردة في النَّهْي عن البول قائمًا ضعيفةٌ باستثناء حديث عائشة ل أنها قالت: مَن حدَّثكم أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تُصدِّقوه(2).
ويُجاب عن هذا أن الـمُثبِت مُقدَّم على النافي، وأن عائشة ل حكت ما رأته هي في داخل بيتها، ولا يدلُّ على المنع العام، وإن كان الأَولى في التبوُّل الجلوسَ؛ لفِعله صلى الله عليه وسلم الدائم له حتى أنكرت عائشة ل على مَن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا، وأكَّدت على أنه ما كان يبول إلا قاعدًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء» باب «البول قائمًا وقاعدًا» حديث (224)، ومسلم في كتاب «الطهارة» باب «المسح على الخفين» حديث (273).
(2) أخرجه الترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في النهي عن البول قائمًا» حديث (12)، والنسائي في كتاب «الطهارة» باب «البول في البيت جالسًا» حديث (29)، وابن ماجه في كتاب «الطهارة وسننها» باب «في البول قاعدًا» حديث (307)، وقال الترمذي: «حديث عائشة أحسن شيء في هذا الباب وأصح».