من تعتبر شهادته في رؤية الهلال؟

نصوم عندنا على رؤية الهلال المحلية في شهر رمضان، وفي هذا العام بلغنا أن رجلًا مشهود له بالصدق قال: إن زوجته رأت الهلال وأنها حادة البصر، وأن ابنه 15 عامًا أو أكثر رآه أيضًا، فاختلفت الجالية في شهادة المرأة وشهادة الولد، الأولى لكونها امرأة والثاني لكونه في أيام البلوغ، ثم بعد قليل بلغنا أن الشخص نفسه رأى الهلال، فعجبنا لماذا لم يشهد من قبل، ثم إنه قال: إنه رآه في الساعة 35: 9 بينما غروب الشمس في تمام الساعة 50: 8، وشهد بذلك وأقسم عند أحد الأئمة، فمن قائل: إن الهلال لا يمكن له أن يتواجد أكثر من 15 دقيقة بعد غروب الشمس، ومن قائل: إنه يكفينا شهادة فلان لصدقه، ومن قائل: يجب رؤية الجم الغفير لأن السماء صحو لا غيم فيها.
لكنه ذكر أن زوجته رأته عند غروب الشمس، ولم يطلب الإمام حضور زوجته لكنه اكتفى بشهادته عن زوجته. برجاء شديد تفصيل الرد على هذه الملابسات كلها بأدلتها، وجزاكم الله خيرًا، وتقبل الله منا ومنكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فشهادة النساء في رؤية الهلال موضع نظر عند أهل العلم، فأجازها الحنفية(1) والحنابلة(2)، ومنعها المالكية(3) والشافعية(4)، والقول بقبول شهادتها قول متوجه، وهو الأولى بالقبول، أما الولد فإذا كان قد بلغ رشده فينطبق عليه ما ينطبق على سائر الراشدين من قبول شهادته واعتبار عبارته، ولكن القضية المهمة هنا هو ضرورة أن يستوثق من يستقبل هذه الشهادات ممن تحملها، حتى يتأكد من انتفاء الغلط أو الوهم ونحوه، فيسأله كيف رأى الهلال، ومتى، وفي أية جهة رآه؟ ونحوه من الأسئلة التي يجيدها أهل هذا الفن ليميزوا بها الضابط من الغالط أو الواهم، وعلى هذا فكما توجد لجنة لترائي الأهلة ينبغي أن توجد لجنة تستقبل الشهادات ممن تحملها، وأن يكون بينها من أهل الفن من يعرف كيف يناقش الشهود، لا لإعناتهم ولكن للاستيثاق من شهاداتهم.
وعلى كل حال لقد كان الخطب هينًا هذا العام، واجتمع السواد الأعظم من المسلمين على بداية موحدة، ونسأل الله أن يتم عليهم نعمه في الختام كما أتمها عليهم في البدء، وأن يوحد كلمتهم في نهاية الشهر كما وحدها في بدايته. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) جاء في «المبسوط» من كتب الحنفية (16/144): «خبر المرأة الواحدة حجة تامة في ذلك كشهادتهما على رؤية هلال رمضان».

(2) جاء في «شرح منتهى الإرادات» من كتب الحنابلة (1/472-473): «(ولو) كان المخبر به (عبدا أو أنثى) كالرواية (أو) كان إخباره (بدون لفظ الشهادة) للخبرين (ولا يختص) ثبوته (بحاكم) فيلزم الصوم من سمع عدلا يخبر برؤية هلاله».
وجاء في «الكافي» لابن قدامة، من كتب الحنابلة (1/436-437): «وفي المرأة وجهان: أحدهما: يقبل قولها؛ لأنه خبر ديني فقبل خبرها به كالرواية.

(3) جاء في «مواهب الجليل» من كتب المالكية (2/381-382): «قال في النوادر: ولا يصام ولا يفطر بشهادة صالحي الأرقاء ولا من فيه علقة رق ولا بشهادة النساء والصبيان ولا فرق في ذلك بين رمضان وغيره من الشهور».

(4) جاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» من كتب الشافعية (2/63-64): «(وفي قول) يشترط في ثبوت رؤيته (عدلان) كغيره من الشهور (وشرط الواحد صفة العدول في الأصح لا عبد وامرأة) فليسا من العدول في الشهادة وإطلاق العدول ينصرف إليها بخلاف إطلاق العدل فيصدق بها وبالرواية، والمرأة لا تقبل في الشهادة وحدها».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend