فتح المسجد ورفع الأذان لصلاة العشاء التي جمعت مع المغرب لعذر

شيخنا الفاضل: من المعلوم أن الصلاتين المجموعتين يُؤذَّن لهما أذانٌ واحد مع إقامتين، ولكن السؤال عن السُّنة بالنسبة للمسجد ككلٍّ فيما لو قامت جماعته بالجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في وقت المغرب لعارض المطر، هل تغلق أبواب المسجد عقب الجمع بين هاتين الصلاتين؟ ثم هل يؤذن بعد أدائهما في هذا المسجد لوقت العشاء؛ وقت حلول وقته الأصلي؟ أفتونا جزاكم الله كل خير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمن المعلوم أن الجمهور(1) على ما ذكرته من أنه إذا جمع بين المغرب والعشاء لعذر شرعي فإنه لا يؤذن للعشاء، ومن أدلتهم على ذلك ما ثبت في «صحيح مسلم»: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين(2). وفعل كذلك في الظهرين بعرفة وهو في «مسلم» أيضًا(3).
وخالف في ذلك المالكية(4) فقالوا: يؤذن لكل منهما. ولكن يكون الأذان للثانية ندبًا بصوت منخفض داخل المسجد، ثم يؤذَّن لها إذا دخل وقتها بصوت مرتفع، ليعلم أهل الحي بدخول وقت العشاء.
فقد ذكر النفراوي في «شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني» والعدوي في «حاشيته على شرح النفرواي»: أنه يؤذن للعشاء في ليلة الجمع داخل المسجد بصوت منخفض ندبًا عندما يجمع العشاءين لعذر، ثم يُؤذَّن بعد دخول وقت العشاء بصوت مرتفع استنانًا ليعلم أهل البيوت بدخول وقت العشاء، ودليلهم على ذلك أن الأذان شُرع للإعلام بدخول الوقت ولدعوة الناس للإتيان للصلاة. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) جاء في «المبسوط» من كتب الحنفية (4/62-63) : «(قال) ويجمع الإمام بين صلاة المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامة، فإن تطوع بينهما أقام للعشاء إقامة أخرى ، وقال زفر رحمه الله تعالى إذا تطوع بينهما أذن ، وأقام للعشاء؛ لأن الفصل بينهما قد تحقق بالاشتغال بالتطوع فهو بمنزلة من يؤدي كل صلاة في وقتها فعليه الأذان والإقامة لكل صلاة ، ولكنا نقول : الجمع بينهما لا ينقطع بهذا الفصل كما لا ينقطع إذا اشتغل بالأكل ، ولكنه يحتاج إلى إعلام الناس أنه يصلي العشاء ، وبالإقامة يتم هذا الإعلام».
وجاء في «المجموع» من كتب الشافعية (8/144-162) : «(فرع) في مذاهبهم في الأذان إذا جمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة قد ذكرنا أن الأصح في مذهبنا أنه يؤذن للأولى ويقيم لكل واحدة»
وجاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/305) : «فصل: فإن جمع بين صلاتين في وقت أولاهما ، استحب أن يؤذن للأولى ويقيم ، ثم يقيم للثانية. وإن جمع بينهما في وقت الثانية فهما كالفائتتين ، لا يتأكد الأذان لهما ؛ لأن الأولى منهما تصلى في غير وقتها ، والثانية مسبوقة بصلاة قبلها. وإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس».

(2) أخرجه مسلم في كتاب «الحج» باب «حجة النبي صلى الله عليه وسلم» حديث (1218) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(3) التخريج السابق.

(4) جاء في «حاشية الصاوي» (1/490-491) : «(و) رخص (في جمع العشاءين) فقط جمع تقديم (بكل مسجد) تقام به الصلاة ولو غير مسجد الجمعة (لمطر) واقع أو متوقع (أو طين مع ظلمة) لآخر الشهر لا لغيم ولا لأحدهما فقط. وذكر صفة الجمع بقوله : (يؤذن للمغرب) على المنار بصوت مرتفع (كالعادة وتؤخر) الصلاة تأخيرا (قليلا) بقدر ما يدخل وقت الاشتراك لاختصاص الأولى بقدر ثلاث ركعات بعد الغروب (ثم صليا) أي المغرب والعشاء (بلا فصل) بينهما بنفل أو غيره (إلا) فصلا (بأذان للعشاء منخفض) لا يرفع صوت (في المسجد) لا على المنار (يي ثم ينصرفون) لمنازلهم (من غير تنفل) في المسجد».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend