صلاة من به سلس بول

كيف أصلي صلاة الجمعة وعندي سَلَسُ بول؟ وإذا خرج في أثناء صلاتي، وخرج وقت هذه الصَّلاة- الفريضة- وانتقض وضوئي بذلك، فهل الصَّلاة صحيحة؟
1- جاء في فتاوى بعض المواقع أن من عنده سلس بول يجب أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، لكن الذهاب للمسجد لصلاة الجمعة يتم قبل دخول الوقت ويحدث نزول قطرات من البول قبل دخول الوقت، فهل تصح الصلاة علمًا أن الذهاب بعد دخول الوقت فيه صعوبة العثور على مكان، وعدم الذهاب لصلاة الجمعة يؤلم ضميري؟
2- المذهب الحنبلي يُجيز الجَمْع لمن عنده سلس بول (حدث دائم)، فهل أصلي السنة مع الفريضة أم الاكتفاء بالفريضة فقط أم أن الأمر اختياري؟
أفتونا جزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن من كان حدثُه دائمًا مستمرًّا كصاحب سلس البول والرِّيح، يتوضَّأ لوقت كلِّ صلاة، ويُصلِّي بوضوئه ما شاء من الفروض والنَّوافل، حتى يدخل وقت الصَّلاة الأخرى؛ وذلك لما في الصحيحين عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصَّلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقُ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي، ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ»(1).
وصاحب السَّلَس مُلحَقٌ عند أهل العلم بالمستحاضة.
أما بالنِّسبة لسؤالك فنبادر أوَّلًا إلى تنبيهك على ضرورة عدم تأخير الصَّلاة إلى هذا الحدِّ بحيث لا تتمكَّن من إيقاعها جميعًا في الوقت، فإن هذا لا يَحِلُّ لك.
أما من حيث الطَّهارة فإنك إذا أوقعتَ جزءًا من الصَّلاة في الوقت بطهارةٍ صحيحة فلا يَضرُّك إكمالها بعد ذلك لأنه يغتفر في الدَّوام ما لا يغتفر في الابتداء.
وللمالكية تخفيف في هذه المسألة، فهم يرون أن المستحاضة يُستحب لها الوضوء عند كل صلاة ولا يجب عليها، وقد قاسوا عليها صاحب السلس إذا لازمه كلَّ الوقت أو جُلَّه أو نصفه، وتفصيل ذلك عندهم أن السلس لا يَنقُض إذا لازم نصف زمن أوقات الصلاة فأكثر، وأوقات الصلاة من الزوال إلى طلوع شمس اليوم الثاني، لكن يُندب الوضوء عند الصلاة إذا كان يلازم كل الوقت(2).
ولعل تقليد المالكية في هذا يمثل مخرجًا بالنسبة لك فيما يتعلق بصلاة الجمعة خاصة، فإنَّ لمن وقع في حرج أن يُقلِّد من أجاز، فلا حرج إن كان السلس يلازمك أغلب الوقت أو نصفه أن تتوضأ للجمعة قبل أن تخرج من بيتك؛ لأن السلس في هذه الحالة لا ينقض الوضوء عندهم.
وما ذكرته من الجمع بين الصلاتين عند الحنابلة صحيح للمستحاضة وصاحب السلس.
يقول الإمام ابن قُدَامة : بعد ذِكر جواز الجمع لأجل المرض: «وكذلك يجوز الجمع للمستحاضة ولمن به سلس البول ومن في معناهما؛ لما روينا من الحديث…»(3).
أما بالنسبة لصلاة السنة فإن الأمر في ذلك واسع، فإن لك أن تصلي بهذا الوضوء ما شئت من فروض ونوافل، والله تعالى اعلى وأعلم.

________________

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء» باب «غسل الدم» حديث (228)، ومسلم في كتاب «الحيض» باب «المستحاضة وغسلها وصلاتها» حديث (333).

(2) وجاء في «الشرح الكبير» للعدوي المالكي (1/117-118): «(ونُدِب) الوضوءُ (إن لَازَمَ) السلسُ (أكثرَ) الزمنِ وأَولَى نصفُه لا إن عَمَّه، ومحلُّ الندب في ملازمة الأكثر إن لم يشق (لا إن شقَّ) الوضوء ببرد ونحوه فلا يندب. فقوله: وندب… إلخ. تفصيل في مفهوم قوله: فارق أكثر (وفي اعتبار الملازمة ) من دوام وكثرة ومساواة وقلة (في وقت الصلاة) خاصة، وهو من الزوال إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني (أو) اعتبارها (مطلقًا) لا بقيد وقت الصلاة، فيعتبر حتى من الطلوع إلى الزوال».

(3) المغني» (2/59).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة, 02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend