بعد الجماع مع زوجتي هل يمكن لي أن أصلي بالملابس التي كنت ألبس عند الجماع؟ بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في طهارة المني:
فذهب الشَّافعي وأحمد ومن وافقهما أنه طاهر، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه نجس حكمه حكم البول وغيره.
قال النووي : وهو شافعي: «فمنيُّ الآدمي طاهر عندنا، هذا هو الصواب المنصوص للشافعي : في كتبه، وبه قطع جماهير الأصحاب، وحكى صاحب «البيان» في نجاسته قولين…
إلى أن قال: وإذا حكمنا بطهارته استُحب غسله من البدن والثَّوب للأحاديث الصَّحيحة فعن عائشة ل: أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)؛ ولأن فيه خروجًا من خلاف العلماء في نجاسته.
قال: وبطهارة المني قال سعيد بن المسيب وعطاء وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.
وقال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابه: نجس، لكن عند أبي حنيفة يجزئ فَرْكه يابسًا، وأوجب الأوزاعي ومالك غسله يابسًا ورطبًا.
واحتج لمن قال بنجاسته بحديث عائشة ل: كان يغسل المني. رواه مسلم(2)، وفي رواية: كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البُخاري ومسلم(3)، وفي رواية لمسلم: أنها قالت لرجل أصاب ثوبه مني فغسله كله: إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تَرَهُ نضحت حوله، لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه(4).
قال: واحتجَّ أصحابنا بحديثِ فَرْكه، ولو كان نجسًا لم يكفِ فركه، كالدم والمذي وغيرهما، وهذا القدر كافٍ، وهو الذي اعتمدته أنا في طهارته». انتهى(5).
وعلى هذا فلا حرج على الرَّجُل في الصَّلاة في الثوب الذي جامع فيه أهله، ولكن الاحتياط أن يغسل الثَّوب أو يبدل قبل الصَّلاة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء» باب «إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره» حديث (232).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الطهارة» باب «حكم المني» حديث (289).
(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء» باب «غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة» حديث (230)، ومسلم في كتاب «الطهارة» باب «حكم المني» حديث (289).
(4) أخرجه مسلم في كتاب «الطهارة» باب «حكم المني» حديث (288).
(5) المجموع» للنووي (2/511- 512) .