أسكن في أمريكا الشمالية، وكان لدي انتفاخ في يدي وقدمي، وقبل الذَّهاب إلى المستشفى مباشرة جمعتُ بين الظُّهر والعصر جمع تقديمٍ للحاجة؛ لأنني لا يُمكنني صلاة العصر في المستشفى؛ وذلك لأنني لا أعلم متى سيأتي الدكتور ليرى حالتي.
نظام المستشفى هو أن ينادوني ويُدخلوني غرفةً لانتظار الطبيب، مع أنني لا أعرف متى سيأتيني؛ فتردَّدت: هل أصلِّي العصر- علمًا بأن وقت العصر قد دخل- هل أصلي العصر في الغرفة؟ وإذا قدم الطبيب ووجدني أصلِّي لا أدري ماذا سيفعل؟ ويُمكنه أن ينتقل إلى مريض آخر لأنه كان هناك مرضى كثيرون ينتظرون في مدخل المستشفى ولا أدري من سيدخل في نفس القسم الذي أنا فيه.
والآن أتردَّد: هل قبل الذَّهاب إلى المستشفى: هل صلاتي الأولى باطلة؛ لأن صحتها شرط لصحة الجمع كما بيَّنه الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه «الفقه الإسلامي وأدلته»؟ وأيضًا في صلاة ظهر ذلك اليوم صلَّيتُ بعض الرَّكعات قاعدًا أظن ثلاث ركعات لأنني ظننت أن الوقوف كثيرًا يؤذيني؛ لأنني كنت أصلي مع إمام يُكثر من إيلام قدميَّ المنتفختين، ثم وقفت في الرَّكْعة الرَّابعة ولم يُصبني شيءٌ مؤذٍ جدًّا، ولا أذكر إذا أصابني ألم قليل أم لا، لم يكن الوقوف مؤلمًا كما توقعت، فأكملتُ صلاتي قائمًا وركعت وسجدت.
السُّؤال الأوَّل: فهل أُعيد الظُّهر والعصر؟
السُّؤال الثَّاني: وكيف أصلي الـمَرَّة القادمة في المستشفى؟
السُّؤال الثَّالث: كان غالبًا ركوعي أقل خفضًا من سجودي حينما كنت أصلي قاعدًا.
السُّؤال الرَّابع: ولكن هل يجب أن يكون ركوع الـمُصلِّي القاعد يحصل بطأطأة الرَّأس مع انحناء الظَّهر ولا يكون كاملًا إلا إذا حاذت جبهته قدام ركبتيه كما قال الحنفيَّة(1)؟
السُّؤال الخامس: ما هو أقلُّ قدر سجود الـمُصلِّي القاعد ليصحَّ سجوده؟ أفتونا مأجورين.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (1/446- 447): «وَلَو كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا يَنبَغِي أَن يُحَاذِيَ جَبهَتَهُ قُدَّامَ رُكبَتَيهِ لِيَحصُلَ الرُّكُوعُ». ا هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فزادك اللهُ حِرْصًا وتَوْفيقًا، وجمع لك بين الأجر والعافية، ومسح عليك بيمينه الشَّافية، اللَّهُمَّ آمين.
ونود إعلامك بأن جمعك بين الظُّهر والعصر على النَّحو الذي ذكرت جمع صحيح للحاجة والمرض، ولا حرج عليك في أدائك لبعض صلاتك قاعدًا لما غلب على ظَنِّك من أن القيام قد يُضاعف ألمك أو يزيد عِلَّتك، حتى وإن اكتشفتَ بعد ذلك أن القيام لم يكن ليسبب لك من الآلام ما توقعت؛ لأن الأمورَ مبناها على غلبة الظَّنِّ، وقد تصرَّفت بما غلب على ظَنِّك ساعتها، فلا حرج عليك.
وإذا صلَّيتَ قاعدًا فاجعل سجودك أخفض من ركوعك، وليس في ذلك حدٌّ قاطع لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأقلُّ قدر للسجود بالنِّسبة للمصلي قاعدًا هو ذلك القدر الذي تتحقَّق به الطُّمَأنينة، وهو يختلف باختلاف النَّاس خفة وثقلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.