تغطية الرِّجلين للمرأة في الصلاة

أنا وقت الصلاة وأثنائها عندي أطفال لا يحلو لهم إلا الوقوف أمامي (العمر سنتان)، ومهما حاولت ترفض إلا الوقوف، فما العمل؟ وكذلك أنا ألبس ملابس صلاة طويلة لتغطي القدمين، وأحيانًا يظهر شيء من أطراف الأصابع دون قصد، فهل تبطل الصلاة؟ وأحيانًا وأنا في عباءتي عندما أصلي، وسهوًا قد يتزحزح الشال من مكانه وتظهر طرف رقبتي، هل تبطل الصلاة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فيشرع لك الاجتهاد في منعهم من المرور بين يديك أثناء الصلاة؛ لحديث: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَـى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»(1). فإن غُلِبْتِ على ذلك ولم تتمكَّني من منعهم فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة، ولا يقطع مرورهم بين يديك صلاتك، أما إذا تمكنت من منعهم وتساهلت في ذلك، فإنه ينقص أجرك وإن كان لا يقطع عليك الصلاة.
أما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم(2)؛ لما روى أبو داود عن أمِّ سلمة ل أنها سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم : أتُصلِّي المرأةُ في درعٍ وخمار ليس عليها إزار؟ قال: «إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا»(3).
وخالف في ذلك الأحناف(4) فلم يوجبوا ستر القدمين، ووافقهم على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أدلتهم على ذلك قياس القدم على الوجه، وأن القدم ليس موضع الزينة الظاهرة، ولأنها تبتلى بإبداء القدم إذا مشت حافية، هذا فضلًا عن أن الحديث الذي استدل به الجمهور قد ضعَّفه كثير من أهل العلم وقالوا: لا يصح لا مرفوعًا ولا موقوفًا فلا تقوم به حجة.
ويبقى أن ستر القدمين أحوط لعموم حديث: «الْـمَرْأَةُ عَوْرَةٌ»(5). ولكن إذا انكشف شيءٌ منهما عفوًا أثناء الصلاة فلا حرج، أما ما سوى ذلك كالرقبة فإنها من العورة المجمع عليها، ولكن إذا انكشف شيء من ذلك عرضًا وبادرت إلى سَتره على الفور فإنه لا يفسد عليك الصلاة، واجتهدي في السَّتر ما استطعت، ونسأل الله لنا ولك التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــ

(1) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «يرد المصلي من مرَّ بين يديه» (509)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «منع المار بين يدي المصلي» حديث (505)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
(2) جاء في «الفواكه الدواني» (1/128-130) من كتب المالكية: «وأقل ما يجزئ المرأة من اللباس في الصلاة الدرع الخصيف السابغ الذي يستر ظهور قدميها وخمار تتقنع به».
وجاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» (1/201-202): «(و) عورة (الحرة ما سوى الوجه والكفين) ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين».
وجاء في «المغني» (1/430-431): «قال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة».
(3) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في كم تصلي المرأة» حديث (640)، والحاكم في «مستدركه» (1/380) حديث (915) من حديث أم سلمة ل، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»، وأقرَّه الذهبي.
(4) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/430-431): «قال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة لأنهما يظهران غالبًا فهما كالوجه».
(5) أخرجه الترمذي في كتاب «الرضاع» باب «ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات» حديث (1173)، وابن خزيمة في «صحيحه» (3/93) حديث (1686)، وابن حبان في «صحيحه» (12/412) حديث (5598)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». وصححه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (1173).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend