ما حكم صلاة من صلى خارج المسجد مع وجود مكانٍ داخل المسجد؛ هروبًا من الحرِّ داخل المسجد؟ وما حكم صلاة من صلى في ثياب مسبلة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فينبغي أن يحرصَ القائمون على المساجد على الاعتناء بها، تطهيرًا وصيانةً وتبريدًا وتدفئةً عند الاقتضاء، حتى يتمكن عُمَّارها من أداء شعائرهم وهم مطمئنون، ومن ناحيةٍ أخرى فلا ينبغي لأحدٍ أن ينأى عن الجماعة وينفرد دونها لمثل هذه العوارض، اللهم إلا إذا كانت لديه أسبابٌ طبية تقتضي ذلك، فتلك نصيحتي إلى الجميع، والصلاة في ذاتها صحيحة، ما لم يكن منفردًا وحده خلف الصفوف، ففي صحتها حينئذٍ نظر.
وصلاة الـمُسبل في ذاتها صحيحة، مع إثم الإسبال بالإجماع(1) إن كان لِخُيَلاء، أو عند الجمهور(2) إذا تجرد من الخيلاء. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «تحفة الملوك» من كتب الحنفية ص: 277: «وحرام : وهو لبسها للتكبر والخيلاء».
وجاء في «مجمع الأنهر» من كتب الحنفية (2/531-532): «(ومكروه وهو اللبس للتكبر) والخيلاء».
وجاء في «المنتقى» من كتب المالكية (7/225-226): «وقوله صلى الله عليه وسلم: «الذي يجر ثوبه خيلاء» يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء؛ أما من جرَّه لطول ثوبٍ لا يجد غيره أو عذرٍ من الأعذار فإنه لا يتناوله الوعيد».
وجاء في «المجموع» من كتب الشافعية (3/181-184): «(أما حكم المسألة) فمذهبنا أن السدل في الصلاة وفي غيرها سواء، فإن سدل للخيلاء فهو حرام، وإن كان لغير الخيلاء فمكروه وليس بحرام».
وجاء في «الفروع» من كتب الحنابلة (1/342-344): «( تنبيهٌ ) ويحرم في الأصح إسبال ثيابه خيلاء في غير حربٍ بلا حاجةٍ نحو كونه خمش الساقين ، انتهى . الذي يظهر أنه يحرم فعله خيلاء ، ولو كان به حاجةٌ إلى الإسبال ، فقوله بلا حاجةٍ نحو كونه خمش الساقين- يعطي أنه لا يحرم، وليس الأمر كذلك ، وإنما المباح في هذه الصورة الإسبال فقط ، لا الإسبال مع الخيلاء ، ولعل التمثيل عائدٌ إلى الإسبال فقط ، فيزول الإشكال. والله أعلم».
(2) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (3/181-184): «كان الثوري يكره السدل في الصلاة وكرهه الشافعي في الصلاة وغيرها. وقال ابن المنذر ممن كره السدل في الصلاة ابن مسعود ومجاهد وعطاء والنخعي والثوري وقال ابن المنذر : لا أعلم في النهي عن السدل خبرًا يثبت فلا نهي عنه بغير حجة».
وجاء في «كشاف القناع» من كتب الحنابلة (1/269): «وينبغي أن يكون على هذا الخلاف الذي يجر ثوبه خيلاء في الصلاة، لأن المذهب أنه حرام».
وجاء في «نيل الأوطار» من كتب الزيدية (2/132-135): «قال الشوكاني: قد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقًا، وأعظم ما تمسك به حديث جابر».