التأمين خلف الإمام في دعاء القنوت هل يكون سرًّا أم جهرًا؟ وهل الأولى إدراك تكبيرة الإحرام أم سد الفُرَج في الصفوف؟ وجزاكم اللهُ خَيْرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن للفقهاء في الإسرار بالتأمين أو الجهر به ثلاثة اتجاهات:
الأول: التأمين جهرًا إن سمع الإمام، وإلا قنت لنفسه. وهو قول الشافعية(1)، والصَّحيح عند الحنابلة(2)، وهو قول محمد بن الحسن في القنوت وفي الدعاء بعده. ومنه الصَّلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم كما نص الشافعية، وهو المتبادر لغيرهم لدخوله في الشمول.
الثَّاني: ترك التأمين. وإليه ذهب المالكية(3)، وهو الأصح عند الحنفية(4)، ورواية عن أحمد(5)، وقول ضعيف عند الشافعية(6).
الثالث: التخيير بين التأمين وتركه. وهو قول أبي يوسف، وقول ضعيف للشافعية(7).
ولا فرق بين قنوت النَّازلة وقنوت غيرها، عند الشافعية والحنابلة، والذي يظهر أن القولَ الأول هو الأولى بالقبول.
وسدُّ الفُرَج في الصفوف أولى من الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام؛ لأن تسوية الصفوف وسدَّ الخلل والفُرَج من إقامة الصَّلاة(8)، فطلبُه آكد من مجرد الحرص على فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «إعلام الموقعين» من كتب الحنابلة (2/285-287): «قال الربيع: سئل الشافعي عن الإمام: هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم، ويرفع بها من خلفه أصواتهم».
(2) جاء في «كشاف القناع» من كتب الحنابلة (1/339): «يجهر به إمام ومأموم معا في صلاة جهر».
(3) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/352-354): «قال أصحاب مالك: لا يحسن التأمين للإمام؛ لما روى مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له. وهذا دليل على أن الإمام لا يقولها».
(4) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/352-354): «وقال أبو حنيفة ، ومالك في إحدى الروايتين عنه: يسن إخفاؤها؛ لأنه دعاء. فاستحب إخفاؤه كالتشهد».
(5) جاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/388): «وعن أحمد: ترك الجهر».
(6) جاء في «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (2/190-192): «قال في الجديد: (لا يجهر به، بل يسمع نفسه)».
(7) جاء في «تبيين الحقائق» من كتب الحنفية (1/193-195): «مخير بين الجهر والمخافتة كذا في غير موضع».
(8) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (3/3) حديث (11007)، وابن خزيمة في «صحيحه» (3/23) حديث (1548)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/333) حديث (3819) من حديث t من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا قمتم فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج ».