ما حكم الإمام يصلي في المسجد في الدور الثاني ومعه مصلون في الدور الثاني ومصلون أيضًا معه في الدور الأول، لكن هو في الدور الثاني لأن الدور الثاني أوسع والدور الأول ضيق؟ وجزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن ارتفاع الإمام عن المأموين يُكره لغير حاجة، فقد روى أبو داود عن همام أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دُكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجَبَذه، فلما فرغ قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، وقد ذكرت حين مددتني. ثم رُوي عن عمار مثله(1).
والدُّكان هو الذي يجلس عليه كالكرسي يُبنى في أصل الجدار، لكن إن وقف عليه ليُسمع الناس جاز بشرط نزوله للسجود، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد في قصة صنع المنبر ووضعه أول جمعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عليه فكبَّر ثم ركع ورفع وهو عليه ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم قال: «إِنَّما صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي»(2).
ولعل هذا عندما كثر المصلون واحتاجوا إلى الاقتداء به فوقف على المنبر؛ ليراه الناس ويسمعوا تكبيره فيفعل مثل ذلك عند الحاجة.
وعلى هذا فلا حرج فيما ذكرت ما دامت الحاجة داعية إليه لضيق الدور الأول واتساع الدور الثاني. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «الإمام يقوم مكانًا أرفع من مكان القوم» حديث (597)، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (597).
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «الخطبة على المنبر» حديث (917)، ومسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة» حديث (544).