يا دكتور صلاح، إذا دخلت المسجد ووجدت الإمام لم يركع بعدُ، ولكن بمجرد دخولي في الصلاة أو بعد ثوانٍ ركَع الإمام ولم أكن قد قرأت الفاتحة أو لم أكملها، ماذا عليَّ أن أفعل؟ هل يجب عليَّ أن أكملها سريعًا ثم أركع وألحق الإمام؟
وفي الركوع هل يجب عليَّ أن أقول سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أم مرة واحدة أو مرتين تكفي؟ وهذا لأنني في بعض الأوقات عندما أصلي أقف وأجد نفسي قلتها مرتين فقط.
وإذا قلت أثناء الصلاة كلمة خارجة عن الصلاة وذلك بسبب وسواس غلب على عقلي مثل: «بحبك» أي لزوجتي أو «لا إله إلا الله» هل في ذلك شيء؟ وشكرًا لفضيلتكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فـ«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا»([1]). ولا تنتظر لاستكمال قراءة الفاتحة.
والواجب في التسبيح في الركوع والسجود مرةً واحدة، وما زاد على ذلك فهو سُنَّة، لا يجبر تركُه بسجود السهو؛ ففي «سنن الترمذي» عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ». وفي إسناد هذا الحديث مقال، والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبُّون ألا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث تسبيحات. وروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: «أستحب للإمام أن يُسبِّحَ خمس تسبيحات لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم»([2]).
قوله: «وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» أي أدنى تمام ركوعه. قال ابن الملك: «أي أدنى الكمال في العدد وأكمله سبع مرات، فالأوسط خمس مرات، كذا في «المرقاة» قال الماوردي: إن الكمال إحدى عشرة أو تسع، وأوسطه خمس، ولو سبح مرة مرة حصل التسبيح»([3]). انتهى.
والأصل أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، وإنما هي التكبيرُ والتسبيحُ وتلاوةُ القرآنِ، أما ما كان من ذلك عن خطأ أو نسيان أو جهالة فهو معفوٌّ عنه،
ويجبر بسجود السهو، لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ
أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]. وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»([4]). والله تعالى أعلى وأعلم.
([1]) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «الإمام يصلي من قعود» حديث (603)، وأصله متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأذان» باب «إقامة الصف من تمام الصلاة» حديث (722)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «ائتمام المأموم بالإمام» حديث (414) كل من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([2]) أخرجه الترمذي في كتاب «الصلاة» باب «ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود» حديث (261).
([3]) «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (2/104).
([4]) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.