بعت أرضًا لزوجتي ورثتها عن أبيها، كان شرط المشتري هو أن يدفع نصف الثمن حال تحرير العقد والنصف الآخر بإيصال أمانة يستحق الدفع بعد عام.
ورغم أنني لا أعلم يقينًا بضرورة تزكية النصف الأول، إلا أنني زكيته عن عام. وسؤالي عن النصف الآخر؛ لاقتراب موعد سداده، فهل عليه زكاة؟ ولو عليه فلِكَمْ عام؟ وهل يجوز أن أسدد منه دينًا عليَّ أنا لا على زوجتي؟ مع العلم بأننا أقدمنا أصلًا على بيع الأرض لصالح الأسرة ككل. وشكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الدَّيْن إذا كان مَرْجُوَّ الأداء فإنه تجب زكاتُه، كالمال الحاضر الموجود باليد، ويكون الدَّيْن مرجوَّ الأداء إذا كان على موسر مُقِرٍّ به؛ فإن كان الدَّين على مُعسِر أو مُنكِر فلا تجب زكاتُه إلا بعد قبضه، وإذا قبضه زكَّاه عن عامٍ واحد وإن بقي عند المدين أعوامًا مديدة.
وبناء على ذلك فإذا كان قد مضى عامٌ على هذا الدَّين فإنه تلزم زكاته ولو حلَّ ميقاتُ الزكاة قبل قَبْضه ما دام الدين مرجوَّ الأداء، أما التصرف في هذا المال بعد قبضه فمردُّه إلى استطابة نفس زوجتك؛ لأن المالَ مالُها، وكونك زوجًا لها لا يسوغ لك التصرف في مالها بغير إذنها؛ لأن لها ذمةً مالية مستقلة، ولا يحلُّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه(1).
ومن ناحية أخرى فإنه يجوز لزوجتك أن تَبذُل لك زكاةَ مالها أو جزءًا منها لتُسدِّد به دينك، فإنَّ نفقتك لا تجبُ عليها، بل أنت أحقُّ من تبذل له زكاتَها عند الاقتضاء، فعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود ب قالت: قال رَسُول الله ﷺ: «تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» قالت: فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت: إنك رجل خفيفُ ذات اليد، وإن رَسُول الله ﷺ قد أمرَنا بالصدقة، فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفُتها إلى غيركم. قالت: فقال لي عبد الله: بل ائتِيه أنتِ. فانطلقت فإذا امرأةٌ من الأنصار بباب رَسُول الله ﷺ حاجتي حاجتُها، وكان رَسُول الله ﷺ قد أُلقِيَت عليه المهابةُ، فخرج علينا بلالٌ فقلنا له: ائت رَسُول الله ﷺ فأخبِرْه أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئُ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتامٍ في حجورهما، ولا تُخبره من نحن. فدخل بلال على رَسُول الله ﷺ فسأله فقال له رَسُول الله ﷺ: «مَنْ هُمَا؟» قال: امرأةٌ من الأنصار وزينب. فقال رَسُول الله ﷺ: «أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟» قال: امرأة عبد الله. فقال رَسُول الله ﷺ: «لَـهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ»(2). والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/72) حديث (20714)، وأبو يعلى في «مسنده» (3/140) حديث (1570) من حديث عم أبي حرة الرقاشي ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/265-266) وقال: «رواه أحمد وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين وفيه علي بن زيد وفيه كلام».
(2) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر» حديث (1466)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين» حديث (2365).